كما أن ما سلكه في بعض المسائل الفقهية من حمل الخاص على التقية وتقديم العام قد يكون مبنيا على استفادة التقية في الخاص من قرائن خارجية ـ كفتوى الأصحاب ونحوها ـ مسقطة للخاص على الحجية رأسا مع قطع النظر عن العام.
وإلا فقد خص في العدة (١) التعارض بالعامين وصرح بوجوب حمل العام على الخاص جمعا ، وأنه لا يجري عليهما حكم المتعارضين ، وهو المطابق لسيرته في فقهه.
وأما ما ذكره في الحدائق وقد يستفاد من غيره من المحدثين فهو راجع إلى انكار الجمع المذكور ، لا إلى إنكار جميع أنحاء الجمع العرفي ، كيف وكتابه مملوء بالجري على مقتضى الجمع العرفي بوجوهه المختلفة ، كحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد وغيرهما.
بل قد جرى في كثير من الموارد على استفادة الكراهة والاستحباب من الجمع بين النصوص ، ككراهة الأكل والشرب والخضاب للجنب ، واستحباب المضمضة والاستنشاق قبل الغسل ، والاغتسال بصاع وغيرها. فكأن مراده مما تقدم ما إذا لم يكن الجمع بما تقدم عرفيا ، لخصوصية في المورد.
كما أن ما ذكره المحقق القمي قد يتجه على مبناه من أن الرجوع للأخبار ليس لحجيتها بالخصوص ، بل لإفادتها الظن بمقتضى دليل الانسداد ، حيث قد يحصل الظن من العام الموافق للكتاب أو المخالف للعامة دون الخاص أو المخالف له أو الموافق لهم. على أن التزامه بذلك في فقهه بعيد جدا.
وكيف كان ، فلا مجال للخروج بهذه الكلمات ونحوها عما هو المعلوم من رأيهم في الأصول وسيرتهم في الفقه على متابعة الجمع العرفي وخروج المورد به عن التعارض موضوعا وحكما.
__________________
(١) العدة ج ١ ص : ١٥٣.