الأحكام الأولية والثانوية.
وليس ذلك من مورد الحكومة البيانية ولا العرفية ، لعدم نظر أدلة الحجية لأدلة الأصول ولا لمؤدياتها ، ولذا لا تلغو حتى مع فرض عدم جعل الأصول شرعا والبقاء على الأصول العقلية ، كما فصلنا الكلام في نظيره هناك.
إن قلت : هذا لا يناسب ما تضمنه غير واحد من نصوص الأصول من إناطتها بعدم العلم وجعله رافعا لها ، بعد ما سبق من ظهوره في العلم بالواقع لا بما يعم الوظيفة الظاهرية ، ولا في مطلق قيام الحجة ، ولذا لم تكن الطرق والأمارات واردة عليها.
قلت : المتعين تنزيل ذلك بملاحظة الجمع المذكور على أن ذكر العلم ليس بما هو صفة خاصة ، بل بما هو طريق كاشف عن الواقع ودليل عليه ، فيقوم مقامه سائر الطرق والأمارات المعتبرة ، وهو راجع في الحقيقة إلى كون الرافع لموضوع الأصول هو ثبوت الواقع ولو بغير العلم ، وأن ذكر العلم بما أنه الفرد الظاهر ، كما سبق عند الكلام في قيام الطرق والأمارات مقام القطع الموضوعي من مباحث القطع.
ويناسبه ما في موثق مسعدة بن صدقة من الاقتصار على العلم في صدره ثم قوله عليه السّلام في الذيل : «والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة» (١).
الثاني : أن تقديم أدلة حجية الطرق والأمارات على الأصول لا يوجب إلغاء دليل الأصول عرفا ، لكثرة موارد فقد الحجة ، بخلاف العكس ، فإنه موجب لإلغاء أدلة الحجية عرفا ، إذ لا يبقى تحتها الا الموارد التي تطابق فيها الأصل فيستغنى به عنها ، والموارد التي لا يجري فيها الأصل الترخيصي كالبراءة ، أو الإلزامي ، كالاحتياط في الشبهة التحريمية عند الأخباريين ، وهي نادرة.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٣ ، باب : ٤ من أبواب ما يكتسب به حديث ٤.