تكوينا مع تساويهما في الأهمية ، حيث يجوز حينئذ تفويت كل منهما في ظرف الإتيان بالآخر ولو مع القدرة عليه بخصوصه ، وهو محتمل في المقام ، واحتماله مساوق للشك في التكليف ، الذي يكون المرجع فيه عندهم البراءة ، لا الاشتغال.
فالعمدة في وجه وجوب الاحتياط في المقام : أن سقوط التكليف في باب التزاحم وإن كان راجعا إلى تقييده لبا ، وعدم فعليته ، إلا أن مرجع تقييده وعدم فعليته لما لم يكن إلى قصور موضوعه المستلزم لعدم فعلية غرضه وملاكه ، بل إلى وجود العذر عنه عقلا بملاك التعذر والعجز ، فبناء العقلاء في مثل ذلك على الاحتياط حتى يثبت العذر المسوغ للتفويت ، ولذا كان بناؤهم على الاحتياط مع الشك في القدرة ، كما تقدم في التنبيه الخامس من تنبيهات مبحث الشك في التكليف.
وحيث يشك في مسوغية التزاحم لتفويت محتمل الأهمية وجب الاحتياط بتحصيله ، وتعين تفويت الآخر الذي يعلم بمسوغية التزاحم لتفويته تعيينا أو تخييرا وكونه عذرا فيه. وقد سبق بعض الكلام في ذلك في آخر الكلام في الأقل والأكثر الارتباطيين. فراجع.
هذا كله من انحصار احتمال الأهمية بأحد الطرفين المعين ، أما مع احتمالها في كل منهما فلا موضوع للترجيح به ، بل يتعين التخيير عقلا بينهما ، لا بملاك التخيير مع التساوي في الأهمية المبني على تكافؤ الغرضين ، بل لتعذر الاحتياط بتحصيل ما يحتمل أهميته المانع من إلزام العقل به ، مع عدم جواز إهمالهما معا ، لإمكان تحصيل أحد الغرضين مع فعليته ، فلا عذر في تركه عقلا ، بل يجب تحصيله شرعا بناء على ثبوت الأمر الترتبي.
ولا ينبغي التأمل في ذلك مع تساوي الاحتمالين ، أما مع أقوائية أحدهما فهل يجب ترجيحه واختياره في مقام الامتثال أو لا؟
من الظاهر أنه لا مجال للبناء على وجوبه بملاك ترجيح محتمل الأهمية