الخالدة ، مما يفرض الحديث عنه بأقلّ وحدة زمنية وهي اليوم ، ما دامت المسألة نسبيّة على كل حال.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) فيما كان يدور في أذهانهم من الفضول عند الحديث عن يوم القيامة ، وعن نهاية الدنيا ، فيتساءلون ، ماذا يحدث لهذه الموجودات الحجرية أو الصخرية الضخمة. (فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) فلا يبقى منها شيء ثابت على الأرض ، فيذرها ويحولها إلى تراب يثيره الريح ، (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً) أرضا ملساء مستوية لا شيء عليها ، (لا تَرى فِيها عِوَجاً) أي انخفاضا في ما تتمثل به الوديان السحيقة ، (وَلا أَمْتاً) أي مرتفعا ، بل تتساوى من جميع جوانبها بحيث تنبسط أمام الرؤية بوضوح من دون حواجز على مستوى المنخفضات والمرتفعات.
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) الذي يدعوهم إليه ليواجهوا الموقف بين يدي الله ، (لا عِوَجَ لَهُ) أي من دون توقف أو تأخّر أو امتناع ، لأنهم لا يملكون قدرة التمرّد على الدعوة ، فينساقون إليه تلقائيا. وربما احتمل أن يكون الضمير في قوله : (لا عِوَجَ لَهُ) راجعا إلى الداعي ، فيكون المعنى أنه لا يهمل أحدا بسهو أو نسيان أو مساهلة. ولعل المعنى الأول أقرب ـ كما جاء في تفسير الميزان ـ بقرينة الفقرة التالية : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) فلا يملك أحد لنفسه شيئا للاعتراض أو للتوقف ليرفع صوته أمامه ، بل هو يستسلم للدعوة الموجهة إليه ، (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) من خلال الرهبة المهيمنة على الموقف كله والذلّة الساحقة التي لا يحس أحد منهم بوجوده الذاتي فيها أمام الله.
(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) لأنه المهيمن على الجميع ، فلا يملك أحد منه شيئا ، فله الحكم الفصل والقضاء العدل الذي يحاصر الجميع في دائرة مسئولياتهم ، فيحيط بكل ما فعلوه ، ويجازي كل واحد منهم بعمله ، ولا يقبل من أحد رجاء ولا شفاعة في حق نفسه أو في حق غيره ، لأن أيّ واحد منهم لا يملك حقا ذاتيا في ذلك كله (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ