بأن القرابة تمثل امتيازا يميّز أباه عن غيره ، ولذا أعلن البراءة منه بعد أن يئس من إيمانه ، وظهرت عداوته له.
وإننا في هذا المجال ، نستطيع الاستفادة من هذا الأسلوب في المواقف التي نحتاج فيها إلى دعوة الأشخاص الذين تربطنا فيهم بعض الروابط العاطفية من نسب أو غيره ، لنتعلم من إبراهيم عليهالسلام ، كيف نشحن الحوار بالمشاعر التي تسهل المهمة ، بما تثيره لديهم من مشاعر تسهل انسجامهم مع الأجواء الحميمة للحوار دون أن يخلق ذلك انجرافا مع العاطفة لمصلحة الكفر والضلال ، لأن الأسلوب العاطفي في هذه الحال لا ينبع من حالة نفسية عفوية ، بل يرتكز على تخطيط يعتبر العاطفة جزءا من الخطة العامة تخضع لما تخضع له تلك الخطة من مرونة ووعى وثبات.
وعلى ضوء هذا نجد أن من واجبنا إعطاء الأسلوب بعض القوة في حالات أخرى ، إذا ما عمل من ندعوهم على استغلال أسلوبنا العاطفي لأغراض في غير صالح الدعوة إلى الله ، تماما كما كان عليه الأسلوب الآخر لإبراهيم ، في ما أشرنا إليه ، ليظل الأسلوب ، في كلتا الحالتين ، منسجما مع خط الحكمة الذي يريد الله للدعوة في سبيله أن تسير عليه.
وقد نشعر ، في نهاية هذا العرض ، بالحاجة إلى الاستفادة من الأجواء الروحية في بعض حالات الحوار ، بين أسلوب يربط المتحاورين بفضل الله ونعمه ، وبين أسلوب ينقل الموقف إلى ابتهال خاشع يمارسه الداعية للتأثير النفسي على الآخرين عند ما يشغلهم عمّا هم عليه ، بروعة المناجاة ، وخشوع الابتهال.
هذه بعض الأفكار العامة حول هذه الآيات ، ولا بد لنا من الدخول في التفاصيل التفسيرية لمفرداتها.
* * *