في من نزل في عينه ماء بل في الجدار لا يكون إبصارا.
وأيضا يلزم من قوله : «وإن كان وجودا فعدمه يصدق على العدم ، فيكون العدم موصوفا بالعلم» ثبوت ما ادّعى بطلانه ؛ لأنّ وصف العدم لا يكون وجوديا ، فإذن العلم سلبي. (١)
وفيه نظر ، فإنّه لم يقصد المستدل كون العلم عدما لمطلق العدم حتّى يكون العلم مطلق الوجود ، بل عدم مقابله ، وذلك المقابل إن كان عدم العلم كان العلم عدما للعدم ، فيكون ثبوتيا.
والتحقيق أن نقول : العدم قد يؤخذ مطلقا فيقابله وجود مطلق ، وقد يؤخذ مضافا إلى شيء كعدم البصر مثلا ، فيقابله وجود البصر ؛ لاتّحاد المضاف إليه في التقابل. فلما كان العدم المضاف منسوبا إلى البصر وجب أن يكون الوجود مضافا إليه أيضا. وهنا يكون عدم هذا الوجود إمّا لعدمه في نفسه أو لعدم إضافته ، فإن كان لعدمه في نفسه لزم وجود مقابله أعني البصر ، وإن كان لعدم إضافته لم يلزم ثبوت المقابل.
وقوله : «يلزم من قوله : إن كان وجودا فعدمه يصدق على العدم فيكون العدم موصوفا بالعلم ، ثبوت ما ادّعى بطلانه ؛ لأنّ وصف العدم لا يكون وجوديا» ليس بوارد عليه ؛ لأنّه إنّما ذكر ذلك على سبيل الإلزام ليستثني نقيض اللازم ، وهو أنّ العلم لا يصحّ أن يتصف به المعدوم.
الثاني : العلم يصحّ وصفه بالانتساب إلى شيء دون شيء فيقال : إنّه عالم بكذا وليس عالما بكذا ، فيختص تعلّقه بشيء دون غيره بخلاف التجرّد فإنّه لا يعقل اختصاصه بشيء دون آخر لامتناع أن يقال : هذا الشيء مجرّد عن المادة
__________________
(١) نقد المحصل : ١٥٥ ـ ١٥٦.