المتصلة (١) في النفس.
وتارة يجعله عبارة عن كيفية ذات إضافة إلى الشيء الخارجي. وذلك عند ما يبيّن أنّ العلم داخل في مقولة الكيف بالذات ، وفي مقولة المضاف بالعرض.
وإذا عرفت اضطرابه فلنشرع في إبطال مذهبه فنقول :
لا يجوز أن يكون العلم عدميا لوجوه :
الأوّل : لو كان العلم سلبيا لم يكن أيّ سلب اتّفق ، فلا يكون سلب الإنسان علما ولا سلب الفرس وغيرهما ، بل لو كان سلبا لم يكن إلّا سلب ما يقابله ، والمقابل للعلم إنّما هو الجهل. إمّا مقابلة العدم والملكة وهو الجهل البسيط ، أو مقابلة التضاد وهو الجهل المركّب. فإن كان العلم عبارة عن سلب الأوّل الذي هو عدم العلم ، كان العلم عدم العدم ، فيكون ثبوتا. وإن كان عبارة عن سلب الثاني فهو محال ؛ لأنّه لا يلزم من سلب الجهل المركّب بالشيء حصول العلم بذلك الشيء لاحتمال خلوّ المحلّ عنهما.
وبعبارة أخرى (٢) : لو كان سلبيا لكان سلب ما ينافيه ، والمنافي إن كان عدما كان هو عدم العدم ، فيكون ثبوتا (٣) ؛ وإن كان وجودا فعدمه يصدق على العدم ، فيكون العدم موصوفا بالعالمية ، هذا خلف.
اعترضه أفضل المحققين : «بأنّ الحكم بكون العلم سلبيا باطل» صحيح ، لكن في الدليل نظر ؛ لأنّ المنافي إن كان مطلق العدم كان العلم مطلق الوجود ، وإن كان عدميا لا يكون العلم عدم العدم حتّى يكون ثبوتيا ، إنّما هو عدم العدميّ ، ولا يجب أن يكون عدم العدمي ثبوتيا ، فإنّ عدم العمى كما في الجرو بل
__________________
(١) كذا في النسخ ، وفي المباحث المشرقية : «المفصّلة».
(٢) العبارة من الرازي والمعترض عليه هو الطوسي.
(٣) في عبارة الرازي : «ثبوتيا» تلخيص المحصل : ١٥٥.