والانعكاس والانعطاف يكونان بزاويتين مساويتين لزاوية الشعاع. قد بيّن جميع هذا في مواضعه.
والشعاع البصري في أكثر الحيوانات يحتاج إلى مدد من جنسه ، أعني إلى شعاع شيء من الأجسام ذوات الأشعة ، ويستعان في تخيّل كيفية اتصاله بالمبصرات بتوهّم خطوط تخرج من سطح المخروط الشعاعي ، ويكون الإبصار بزاوية تحدث من تلك الخطوط عند رأس المخروط.
فكلّما كان البصر أقرب إلى المبصر ، تكون تلك الزاوية أوسع ، فيراه البصر أعظم. وكلّما كان أبعد منه تكون تلك الزاوية أضيق ، فيراه البصر أصغر ، إلى أن تتقارب الخطوط وتصير عند الحس لتوهم انطباق بعضها على بعض كخط واحد ، فيراه البصر كنقطة ، وبعد ذلك ينمحى أثره فلا نراه أصلا. هذا على رأي القائلين بالشعاع.
وأمّا القائلون بالانطباع فيقولون : إنّ الزاوية التي تحدث على سطح الرطوبة الجليديّة تصغر وتكبر بحسب بعد المرئي وقربه ، والبصر يدرك المرئي بتلك الزاوية.
وإذا تقررت قاعدة الشعاع ، فالنار في الظلمة إذا كانت قريبة من الرائي نفذ الشعاع في الظلمة الرقيقة إلى الهواء المضيء بمجاورة النار ، فيرى البصر ما حولها بمعونة من نورها وقربها (١) منها ، فيراها على ما تقتضيها زاوية الإبصار. وإذا كانت بعيدة جدا لم ينفذ الشعاع في الظلمة الكثيفة ، فلم ير ما حولها من الهواء (٢) المضيء بنورها ويراها وحدها بزاوية أصغر فيراها أصغر ، كما في سائر المرئيات. وإذا لم تكن قريبة ولا بعيدة جدّا فإنّ الشعاع البصري المحاذي لما حولها
__________________
(١) في المصدر : «ميّزها».
(٢) في المصدر : «النور».