الله تعالى.
والسبب الذي ذكره في كبر المرئي وصغره مشكل.
لأنّا نقول : إن كان صغر الزاوية مؤثرا في صغر المرئي ، ومن المعلوم بالضرورة أنّ الزاوية الحادثة عند العين لا تبلغ في الكبر إلى حيث يتسع للجبل.
وأمّا القائلون بالانطباع ، فالزاوية التي ذكرها متوهمة لا حاصلة بالفعل ، والإشكال فيها عائد سيأتي.
وأمّا رؤية الصغير كبيرا ، ففيه إشكال ، لأنّ للعنبة مثلا مقدارا خارج الماء وفيه ، والحس يؤدي مقدارها خارج الماء وفيه ، والعقل يحكم تارة بالتساوي وأخرى بالتفاوت.
إذا تقرر هذا فنقول : إنّ مقدارها الحقيقي هو مقدارها المشاهد خارج الماء. ومقدارها الحسي هو مقدارها المشاهد في الماء. والعقل يحكم بأنّ مقدارها في نفس الأمر في الحالتين واحد ، وأنّه لا زيادة لأحدهما في نفس الأمر على الآخر ، وهذا الحكم لا شكّ في أنّه صواب ، ولا شكّ أنّ الحس يؤدي العنبة على شكل حال كونها في الماء ويحكم العقل بأنّ ذلك الشكل الذي أداه الحس أكبر من الشكل الذي أداه حال كونها خارجة الماء في الحس. وهذا الحكم لا شكّ في أنّه صواب أيضا. بقي أن حكمنا : بأنّ هذا الشكل هو شكلها في نفس الأمر كان خطأ ، لكنّه لا نحكم بذلك ، فالغلط حينئذ لم يقع إلّا في تأدية الحس.
ب (١) : قد نرى الواحد اثنين كما إذا غمزنا إحدى العينين ونظرنا إلى القمر فإنّا نرى قمرين ، وكما في حقّ الأحول ، وكما إذا نظرنا إلى الماء عند طلوع القمر فإنّا
__________________
(١) هذا هو الوجه الثاني لقوله : بيان الأوّل (وهو أنّ الحس في معرض الغلط) من وجوه. راجع نقد المحصل : ١٧ و ١٨.