وإمّا بسبب إقامة البدل مقام الشيء المبدل عنه بسرعة ، على ما يقف عليه من يعمل تلك الأعمال.
ورؤية القطرة النازلة كخط مستقيم ، والشعلة الجوّالة كدائرة ، إنّما تكون لاتصال ما يدركه البصر في موضع يتحرك إليه المتحرك بما قد أدركه الحس المشترك من كونه في موضع آخر قبله ، ويثبت فيه هنيئة ، فتدرك النفس جميع ما في الآلتين وتحسبه شيئا واحدا متصلا.(١)
وفيه نظر ، فإنّ البصر أدّى إلى الحس المشترك صورة الماء وليست في الخارج ، فإنّه لا سراب في الخارج ، وليس من شأنه إلّا تأدية ما في الخارج ، فقد حصل له الغلط هنا. والعقل إذا حكم بأنّ هذا المشاهد ماء فقد غلط من حيث وجده مشابها للماء ، فحكم على الشيء بحكم مشابهه ، أمّا إذا عرف أنّه سراب فإنّه يحكم بأنّ الحس الظاهر أدّى ما ليس بموجود في الخارج وهو صواب. وبقاء القطرة النازلة في الحس المشترك مشكل على ما تقدّم.
د : قد نرى المتحرك ساكنا ، كالظل ، والساكن متحركا ، كراكب السفينة فإنّه يشاهد الشطّ الساكن متحركا والسفينة المتحركة ساكنة.
ويرى المتحرك إلى جهة متحركا إلى ضدّ تلك الجهة ، فإنّ المتحرك إلى جهة يرى الكوكب متحركا إليها إذا شاهد غيما تحته ، وإن كان الكوكب متحركا إلى خلاف تلك الجهة.
وقد يرى القمر كالسّائر إلى الغيم ، وإن كان سائرا إلى خلاف تلك الجهة ، إذا كان الغيم سائرا إليه.
قال أفضل المحققين : الحركة ليست بمرئية ، والبصر إذا أدرك الشيء في
__________________
(١) نقد المحصل : ١٨ ـ ١٩.