وذهب النظّام إلى أنّ جميع الأجسام والأعراض غير باق زمانين ، بل يحدثها الله تعالى حالا فحالا. (١)
وذهبت الأشاعرة إلى مثل هذا القول في الأعراض. (٢)
وقال جميع من لا يجوّز إعادة المعدوم : بأنّ الأجسام لا تفنى ، ولكن تفنى التأليفات التي بين أجزائها فتكون لأجل ذلك هالكة ، فإعدام زيد الأوّل ليس بممكن عند أكثر المتكلّمين (٣) ، وما لا يمكن لا يكون مقدورا للفاعل المختار.
وأمّا على مذهب الفلاسفة ، فالشكل الغريب لا يكون إلّا سببا فاعليا ، ولا بدّ معه من سبب قابلي حتى يحصل الأثر. ومادة زيد الأوّل ونفسه لا يمكن أن تفنى ، ومادة زيد الثاني لا يمكن أن تتصل بها صورة إلّا بعد حصول اعتدال إنساني وتغذية ونشو ، حتى يصير بعد مرور مدّة من الزمان إنسانا كاملا.
فهذه الدّعوى على المسلمين وعلى الفلاسفة غير مطابقة لمذاهبهم. وهب (٤) أنّهم يقولون بذلك ، إلّا أنّ العقل لمّا كان جازما بنفي ذلك المحتمل ، لا يقع للعقلاء شكّ في المقدمات (٥) بسبب أمثال هذه الجزئيات. (٦)
__________________
(١) هذا الكلام عين ما حرّره صدر المتألهين من الحركة الجوهرية في الأجسام (وهو أوّل من أشبع الكلام في اثباته) ومخالف لما ذهب إليه الأشاعرة وغيرهم من الحركة في الأعراض دون الجواهر. والقول الحقّ ما ذكره النظام ونقحه صدر المتألهين ؛ لأنّ الأعراض هي المرتبة النازلة للجواهر ، فإذا كانت متجددة ومتغيرة آنا فآنا كانت موضوعاتها متجددة ومتحركة أيضا ؛ لأنّ الحركات العرضيّة بوجودها سيّالة متغيّرة ، وهي معلولة للطبائع ، وعلّة المتغيّر يجب أن تكون متغيّرة وإلّا لزم تخلّف المعلول بتغيّره عن علّته وهو محال. راجع الأسفار ٣ : ٦١ وما يليها ؛ نهاية الحكمة : ٢٠٧ ـ ٢١٠.
(٢) انظر المذاهب المشهورة في كيفية الإعدام في أنوار الملكوت للعلّامة الحلّي : ٤٢.
(٣) في المصدر : «المسلمين».
(٤) المشهور انّها اسم فعل بمعنى احسب وقيل : إنّها كلمة يونانية بمعنى أفرض واحسب.
(٥) في المصدر : «البديهيات».
(٦) في المصدر : «الخرافات».