الفلاسفة فللشكل الغريب.
قال أفضل المحققين : العقل لا يشك فيما جزم بسبب هذا القول الذي قاله ، وإن لم يكن هذا الجزم مثل الجزم بأنّ «الكلّ أعظم من جزئه» ، لكن التفاوت بينهما لا يبلغ حدا يجعل أحد الجزمين ظنيا. واعتبر القضايا التجربيّة ، فإنّها لا تبلغ في الجزم حدّ الأوّليات ، مع أنّها يقينية بعيدة عن الارتياب.
وأمّا عند الفلاسفة فمحال أن يتولد شيخ من غير أسباب مادية واستعدادات وتربية كما مرّ. (١)
وفيه نظر ، لما بيّنا من اعتراف المشكك بالجزم ، بأنّه لم يورد إلّا عليه ، ولولاه لم يكن مشككا حيث حصل الشكّ من العقل فيما جزم فيه (٢). ومع التجويز لا يحصل ترجيح ، فضلا عن مساواته للقضايا التجربية.
الثالث : إذا خرج الشخص من داره جزم بأنّ جميع ما فيها من الأواني لم تنقلب اناسا فضلاء مدقّقين في علم المنطق والهندسة ، وأنّ الأحجار التي فيها لم تنقلب ذهبا ولا ياقوتا ، وأنّه ليس تحت رجلي ياقوت بمقدار مائة ألف منّ ، وأنّ مياه البحار والأودية لم تنقلب دما ودهنا ، والاحتمال في الكلّ واحد.
ولا يندفع ذلك بأنّي لمّا نظرت إليها ثانيا وجدتها كما كانت ، لاحتمال أن يقال : إنّها انقلبت إلى هذه الصفات في زمان غيبتي [عنها] ، ثمّ عند عودي إليها صارت كما كانت إمّا للفاعل المختار ، أو للشكل الغريب.
قال أفضل المحققين : أكثر ما ذكر في هذه الاحتمالات محال ؛ فإنّ قلب الحقائق عند المتكلمين محال غير مقدور عليه. وتبديل هذه الصور بالصور التي
__________________
(١) نقد المحصل : ٤١.
(٢) ق : «به».