ذكرها عند (١) الفلاسفة ممتنع.
وفيه نظر ، فإنّ جميع ما ادّعي انقلابه ليس فيه قلب الحقائق ، بل راجع إلى خلع الصور النوعية أو الجسمية ولبس غيرها ، وهو ممكن عند الكلّ.
الرابع : إنّي إذا خاطبت إنسانا فتكلّم بكلام منظوم مرتّب يوافق خطابي ، علمت بالضرورة أنّه حي عاقل فاهم ، وهذا الجزم غير ثابت ، لأنّ المقتضي لذلك الجزم إمّا أقواله أو أفعاله.
أمّا الأقوال ، فلا توجب ؛ لأنها أصوات مقطّعة ، وحصولها في الذات لا يقتضي كون الذات حيّة عاقلة.
وأمّا الأفعال ، فلا تدل أيضا ؛ لاحتمال أنّ الفاعل المختار ، أو الشكل (٢) يقتضي حصول تلك الألفاظ المخصوصة الدالة على ما يوافق غرض المخاطب. فثبت أنّ القول والفعل لا يدلّ على كونه حيّا فاهما ، مع أنّا نضطرّ إلى العلم بذلك.
قال أفضل المحققين : صدور الكلام المنظوم من شخص هو إنسان ، يدل بالضرورة على كونه حيّا عاقلا ، ولا يندفع ذلك بما قاله. أمّا في غير الإنسان فلا يدل على كون ذلك الشخص حيّا عالما (٣) إنّما يدل على أنّ الذات الّتي يصدر عنها ذلك الكلام حيّ عالم قادر.
والأفعال ، فلا خلاف في أنّها إذا كانت محكمة متقنة ، كان فاعلها عالما قادرا. فهذا الشكّ ليس بقادح فيما أراد قدحه ، لا على مذهب المتكلّمين ، ولا على
__________________
(١) في المصدر : «ذكرناها عن».
(٢) المحصل : «الشكل الغريب».
(٣) في المصدر : «عاقلا».