الامتياز ، فكونه سوادا مغاير لكونه موجودا ، لكن ذلك محال ؛ لأنّ وجود الشيء لو كان وصفا زائدا لكان إمّا معدوما فالشيء موجود بوجود معدوم ، أو موجودا فوجوده زائد ويتسلسل. ولأنّ اتصاف الشيء بالصفة الثبوتية مسبوق بثبوت الموصوف فلو كان الوجود صفة زائدة على الماهية كانت الماهية موجودة قبل كونها موجودة ، وهو محال.
وإنّما قلنا : إنّ القول بكون الوجود غير مشترك محال ، أمّا أوّلا : فلأنّه يلزم أن لا يكون المقابل للسلب واحدا فيبطل الحصر. وأمّا ثانيا : فلأنّ تعقل كون الشيء موجودا لا يختلف باختلاف اعتبار كونه سوادا أو جوهرا ، فلو لا أنّ هنا أمرا مشتركا بينها ، وإلّا لما كان كذلك.
الثاني : لو كان في الوجود موجود لكان ذلك الموجود ، إمّا واجبا أو ممكنا ، والقسمان باطلان لما يأتي من الإشكالات القادحة في الإمكان والوجوب.
الثالث : لو كان الجسم موجودا لكان انقسامه إمّا متناهيا وهو باطل لأدلّة نفاة الجزء ، أو لا ، وهو باطل لأدلّة مثبتيه.
فظهر أنّ مآخذ شبه هذه الفرقة القدح في الأصول بالإشكالات المتوجهة على كلّ واحد من الأقسام.
واللاأدريِة قد يتمسّكون بذلك ، في بيان أنّه لا وثوق بحكم العقل ، فإنّ مقدمات هذه الأقيسة كلّها جلية ، ولا يتأتى الطعن في شيء منها إلّا بالتعسف. ثمّ نعلم من ذلك أنّها ليست بأسرها حقّة. ومنكروا النظر قد يتمسكون بهذه الشبهات في أنّ النظر لا يفيد العلم.
وأمّا العندية ، وهم القائلون بأنّ حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات ، لا أنّ الاعتقادات تابعة للحقائق ، فمن اعتقد في العالم أنّه قديم كان العالم قديما في حقّه وبالعكس. فاحتجوا بأنّ الصفراوي يجد السكر في فمه مرا فدلّ على أنّ الحقائق