ما لا يتناهى ، واستحالة إضافة الشيء الواحد إلى نفسه لتوقّف الإضافة على تعدّد ما يضاف إليه ، فإنّها لا تعقل إلّا بين شيئين.
فأجاب : بأنّ العلم إنّما يكون صورة لو غاير العالم المعلوم ، أمّا إذا اتحدا فلا ، بل يكفي في التعقّل حصول ذلك الشيء في نفسه من غير أن ينتزع العاقل من نفسه صورة أخرى لذاته في ذاته ، والمغايرة الذاتية ليست شرطا في تحقّق الإضافة ، بل يكفي فيها نوع ما من التغاير ، ولا شكّ في أنّ الذات المجرّدة عن اللواحق المادية والغواشي الغربية نسبتها تصلح العاقليّة والمعقوليّة معا. فأمكن أن يعقل كلّ مجرّد وتدخل ذاته في هذه الكلية المحصورة وأن يكون معقولا ؛ لأنّ كلّ مجرّد يصحّ أن يكون معقولا ، وما صحّ في هذا (١) فإنّ التعقل يجب ؛ لأنّا فرضنا الذات خالية عن الغواشي الغربية واللواحق المادية. وهذا الكلام على طوله لا يعجبني.
وقد أجاب بعضهم (٢) بأنّ العلم أمر إضافي إمّا حقيقيا أو مشهوريا ، والذات الواحدة إذا أخذت باعتبار حقيقتين (٣) أمكن عروض الإضافة لها كما تعرض للذاتي. ولا شكّ أنّ العالمية والمعلوميّة وصفان متغايران ، فالذات إذا أخذت موصوفة بأحدهما كانت مغايرة لها إذا أخذت بالثاني ، فإذا تغايرت الذات من حيث إنّها عالمة والذات من حيث إنّها معلومة أمكن تحقّق الإضافة بينهما ، فصحّ أن يعلم الشيء نفسه عند تباين هاتين الجهتين.
وهذا الكلام في غاية السقوط ؛ لأنّ الجهتين اللتين باعتبار هما يصحّ تعلّق (٤)
__________________
(١) أي في المجرّد. والعبارة كذا في المخطوطة. وهي إشارة إلى قاعدة معروفة في الحكمة : بانّ المجرّد كلّ ما يمكن له بالامكان العام فهو واجب له ، إذ لو كان للمجرّد حالة منتظرة يمكن حصولها فيه لاستلزم ذلك تحقّق الإمكان الاستعدادي فيه ولا استعداد إلّا في المادة.
(٢) راجع المباحث المشرقية ١ : ٤٦٢.
(٣) في حاشية نسخة ج : «صفتين».
(٤) في حاشية نسخة ج : «تحقق».