الأوّل : التزام ذلك ، وهو أنّا متى عرفنا ماهية شيء وحقيقته لا بدّ وأن نعرف جميع لوازمه ، لكنّا لا نعرف حقيقة شيء من الأشياء ، بل إنّما نعرف من كلّ شيء لازمه ووصفه لا ذاته.
لا يقال : هذا باطل.
أمّا أوّلا : فلأنّ تلك الصفات كما أنّها لازمة لتلك الماهيات فتلك الماهيات أيضا لازمة لتلك الصفات ، فإذا ساعدتم على معرفة الصفات لزمكم أن يكون العلم بها علّة للعلم بتلك الماهيات ثمّ يكون العلم بتلك الماهيات علّة للعلم بسائر الصفات.
وأمّا ثانيا : فلأنّكم بنيتم (١) أنّ علمنا بنفسنا هو نفس نفسنا ولوازمها.
فإذن علمنا بحقيقة نفسنا حاضر أبدا فيجب أن نعرف صفاتها دائما من غير كسب.
لأنّا نجيب عن الأوّل : بأنّه من الجائز أن تكون الصفات لازمة للموصوفات ولا تكون الموصوفات لازمة للصفات ، فإنّ تعاكس اللزوم غير واجب ، وإلّا لوجبت المساواة بين كلّ ملزوم ولازمه ، لكنّا نعلم جواز كون اللازم أعمّ ، فزوايا المثلث الثلاث تلزمها المساواة لقائمتين دون العكس ، فليس تساوي القائمتين مستلزما للزوايا الثلاث ، فإنّ الخطّ الواقع على مثله على انحراف تحدث عنه زاويتان مساويتان لقائمتين ولا مثلث هناك ، فبطلت دعواهم.
فإن فرضوا الكلام في لازم مساو ، أجبنا بجواب شامل ، وهو أنّ اللوازم معلولات الماهية ، والعلم بالمعلول لا يوجب العلم بالعلّة على ما يأتي.
والوجه في الجواب أن نقول : من اللوازم ما هو مستند إلى الماهية لا غير ، لا
__________________
(١) في نسخة من المباحث المشرقية : «أفتيتم».