الرابع : لم قلتم : إن صحة المقارنة تكون في الخارج؟ ولم لا يجوز أن تكون مشروطة بأن تكون في النفس؟
قوله : «لو توقف صحة المقارنة على حصول المجرد في النفس لزم تأخّر صحة الشيء عن وجوده» ، مغالطة ، فإنّ المقارنة جنس تحته أنواع ثلاثة :
أ : مقارنة الحال للمحل ، كمقارنة السواد لمحلّه.
ب : عكسه ، وهو مقارنة المحل للحال ، كمقارنة محل السواد له.
ج : مقارنة احدى الحالّين للآخر ، كمقارنة السواد والحركة في الجسم الأسود المتحرك.
وهذه الأنواع مختلفة بالماهية ، لأن كل واحد منها يصح عليه ما لا يصحّ على الآخر ، وإذا ثبت هذا فنقول : مقارنة الصورتين المعقولتين في العقل مقارنة الحالّين في المحل الواحد. ومقارنة الصورة العقلية مع النفس مقارنة الحالّ للمحل ، ولا يلزم من الحكم بصحة نوع واحد على شيء صحّة الحكم بسائر الأنواع عليه ، فلا يلزم من عدم توقف صحّة النوع الأوّل من المقارنة على الحصول في النفس عدم توقف النوع الثالث عليه.
ثم بتقدير ذلك لا يلزم أيضا منه أن الماهية المعقولة إذا وجدت في الخارج صحّ أن تقارنها سائر الماهيات المعقولة ، لأن ذلك مقارنة المحل للحالّ ، وهو نوع مخالف للنوعين الآخرين ، ويؤكد القول بأنّه ليس حكم كل واحد من هذه الأنواع حكم الآخر ، أن الإنسان الخارجي قائم بذاته وحساس ومحسوس ودرّاك وفعّال ، وكل ذلك على الإنسان الذهني محال ، وبالعكس.
والعرض يصح أن يقارن غيره مقارنة الحالّ للمحل ، من غير عكس ، وكذا الصورة ، وباقي الجواهر بالعكس. وإذا ثبت ذلك كان توقف صحّة مقارنة المجرد