السابع : لا نسلّم أن حكم المسألتين واحد ، فانّ حصة كل نوع من جنس مساوية في الماهية لحصة النوع الآخر منه في تمام الماهية ، ثم مع ذلك الفصل المقارن لكل واحد منهما يمتنع على الأخرى ، فلم يكن حكم الشيء حكم مثله.
لا يقال : هذا الامتناع ما جاء من جانب الجنس ، بل جاء من الفصل.
لأنّا نقول : هب أنّ الأمر كما قلتم ، لكنّا بيّنا بذلك أنه قد يصح على أحد المثلين ما يمتنع على الآخر وذلك مما يحقق مقصودنا.
الثامن : سلّمنا أنّ المجرّد في الخارج يصح أن يقارن جميع الماهيات ، لكن لا نسلّم أنّه يلزم من صحة تلك المقارنة كونه عاقلا ، فإنّه لا دليل على أن التعقل هو الحصول ، وأنّه ليس إضافة زائدة عليه.
التاسع : نعارض بأن الصورة الذهنية حينما كانت في العقل امتنع أن تكون عاقلة ، فإذا وجدت في الخارج وجب بقاء تلك الاستحالة ، ضرورة أن حكم الشيء حكم مثله.
العاشر : سلّمنا أن كل مجرد فإنّه يصح أن يعقل كل ما عداه ، فلم يجب أن يعقل ذاته؟
قوله : كل من عقل شيئا أمكنه أن يعقل أنّه يعقل ذلك الشيء.
قلنا : ممنوع ، ودعوى البديهة غير مقبولة ، فأين البرهان؟
سلّمنا ، فلم ، قلتم : إنّه يلزم منه كونه عالما بذاته؟
لا يقال : من علم كونه عالما بشيء فقد حكم على ذاته بالعالمية ، والحاكم بأمر على أمر لا بدّ وأن يحضر عنده الأمران وتعقلهما معا.
لأنّا نقول : هذه القاعدة لا تتم عندكم ، فإنّا نحكم بالكلي على الجزئي ، ومدرك الكلي مجرد ، ومدرك الجزئي مقارن.