وفيه نظر ، فإنّه لم يستدل على المحلية بالاختلاف ، بل استدل على إمكان الأولوية بالاختلاف ، وظاهر أنّه كذلك ، فإنّ غير المختلفين يمتنع ثبوت الأولوية فيهما ، أمّا المختلفان فيمكن فيهما الأولوية ، فتبطل حجة الشيخ.
الثاني : ما ذكره الشيخ يتضمن الاعتراف بأنّ مقارنة الصور لمحلّها وللحالّ معها غير مقارنتها للحالّ فيها ؛ لأنّ الأوّلين حاصلان ، والثالث ممتنع. وفيه اعتراف بأن الأولين لا يقتضيان كون المقارن عاقلا ، فلا يلزم من صحتها صحة القسم الثالث في الخارج الذي هو المقتضي لكونه عاقلا (١).
أجاب أفضل المحققين : بأنّه لم يستدل من صحة القسمين الأولين على صحّة الثالث ، بل استدل من صحتهما على صحة المقارنة المطلقة التي هي معنى يشترك الجميع فيه فقط. ثم بيّن أن أحد الشيئين اللذين يصح تقارنهما في محل يقومان به ، إن كان قائما بنفسه كان عاقلا للآخر ، وذلك لحصول الآخر فيه. فاستدل على الجزء المشترك (٢) من القسم الثالث بالقسمين الأولين ، وعلى الجزء الخاصّ (٣) به بالفرض.
وفيه نظر : للمنع من حصول الآخر فيه ، بل إنّما حصل معه في القوة العاقلة لهما ، وإنّما يكون حاصلا فيه لو ثبت القسم الثالث على تقدير ثبوت الأولين أو المشترك ، لكن لا يلزم من ثبوت شيء من الأولين ولا المشترك ثبوت الثالث ، لأنّ الأولين مباينان للثالث ، والمشترك أعم. ولا يلزم من ثبوت أحد المتباينين ثبوت الآخر ، ولا من المشترك ثبوت الخاص.
الثالث : قوله «كان له بالإمكان جعله متصورا» اعتراف بأنّ تصور ذلك
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) وهو مطلق المقارنة.
(٣) وهي اضافة المحلّ إلى الحالّ.