العاقل للمعقول أمر وراء المقارنة ، وعند ذلك يسقط أصل الدليل (١).
أجاب أفضل المحققين : بأن المعنى المعقول قد يقارن الجوهر المستقل بقوامه كالعقل الهيولاني غير مجرد بل مع الغواشي الغريبة ، ثم إنّه يصير مجردا بحسب إعدادات ما لذلك الجوهر بتجرده عقلا بالملكة ، وإنّما يكون هذا الخروج من القوة إلى الفعل بالإمكان الخاص ، فحكم الرئيس بالإمكان العام ، لتكون هذه الصورة أيضا داخلة فيه. ولا يلزم من ذلك مغايرة التعقل للمقارنة ، بل يلزم مغايرة المقارنة مع الغواشي للمقارنة المجردة (٢).
وفيه نظر ، فإنّ تلك الغواشي إن منعت من التعقل أمكن دوامها إمّا بالشخص أو بالنوع ، فأمكن عدم التعقل ، ثم تلزم المغايرة بين المقارنة مع العاقل والتعقل.
واعترض الرئيس على نفسه في «استدلاله بصحة مقارنة ماهية الجوهر العاقل لسائر المعقولات عند كونها قائمة معها بقوة عاقلة تعقلها على صحة مقارنتها إياها عند كونها قائمة بذاتها» بوجهين :
الوجه الأوّل : لم لا يكون للمقارنة شرط لا يوجد إلّا عند القيام بالغير؟
الوجه الثاني : أن يقال : لها مانع يوجد عند القيام بالذات.
فإنّ مع هذين الاحتمالين يمكن اختصاص وجود المقارنة بإحدى الحالتين دون الاخرى.
وأجاب : بأنّ الماهية لما كانت عند ارتسامها في العقل مجردة عن اللواحق الشخصية ، وعند قيامها بالذات ممكنة الاقتران بها ، لم يحتمل لحوق شيء بها إلّا عند القيام بالذات.
__________________
(١) و (٢) نفس المصدر : ٣٩٤.