فاستعداد المقارنة إمّا أن يكون لازما للماهية النوعية غير منفك عنها ، حالتي القيام بالذات وبالقوة العاقلة ، وإمّا أن لا يكون لازما بل إنّما يحصل عند القيام بالقوة العاقلة فقط.
والثاني ينقسم إلى أقسام ثلاثة ، لأنّه إما أن يحصل مع المقارنة أو بعدها أو قبلها.
أمّا الأوّل : وهو أن يكون استعداد المقارنة لازما للماهية ، فيقتضي كونها مستعدة للمقارنة ، سواء قامت بالقوة العاقلة أو بذاتها ، وحينئذ يسقط الشك.
وأمّا أوّل الثلاثة : (١) وهو «أن يكون حصول الاستعداد عند القيام بالقوة العاقلة مع وجود المقارنة» فباطل ؛ لأنّ الشيء يجب أن يستعد أوّلا لصفة ثم تحصل له تلك الصفة ، ولا يمكن أن تحصل الصفة ويستعد معها لحصولها ، اللهم إلّا إذا كان الاستعداد لصفة أخرى غير الصفة الحاصلة ، كالاستعداد للمعقولات الثواني التي تحصل بعد حصول المعقولات الأول.
وأمّا ثانيها : وهو «أن يكون حصول الاستعداد بعد وجود المقارنة» فباطل ؛ لامتناع حصول صفة لموصوف غير مستعد لحصولها.
وأمّا ثالثها : وهو «أن يكون حصول الاستعداد قبل وجود المقارنة» فيقتضي في هذا الموضع أن يكون ذلك الاستعداد بحسب الماهية أيضا كما كان في القسم الأوّل ، وذلك لأنّ الماهية قبل المقارنة إنّما تكون مجردة عن اللواحق الغربية لكونها معقولة ، فلا يكون هناك شيء يفيدها الاستعداد غير ذاتها ، وحينئذ يسقط الشك.
ثم اعترض الرئيس أيضا (٢) : بأنّ المعنى الجنسي كالحيوان مثلا إذا كان قارن فصلا لم يبق مستعدا لمقارنة أخرى ، وإذا جاز ذلك هنا فلم لا يجوز أن تكون
__________________
(١) من أقسام القسم الثاني. وانظر الأقسام في شرح الاشارات ٢ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩.
(٢) انظر الاعتراض والجواب عنه في نفس المصدر : ٤٠٢ ـ ٤٠٣.