الماهية المعقولة عند كونها قائمة بذاتها غير مستعدة للمقارنة ، وإن كانت عند كونها قائمة بذاتها (١) مستعدة لها؟
وأجاب : بأنّ المعنى الجنسي من حيث طبيعته الجنسية مستعد لكل واحد واحد من الفصول التي تقارنه مقارنة مقوّم لوجوده محصل لإنّيته ، فإن لم يكن لبعضها خروج إلى الفعل فلوجود مانع هو الفصل الآخر سبقه فقوّم المعنى الجنسي وحصّله نوعا وأخرجه بذلك عن كونه طبيعة غير محصّلة مستعدة لمقارنة الفصول ، فزال ذلك الاستعداد بوجود هذا المانع ، لا مع كونه على طبيعته الجنسية ، بل بعد زواله عن تلك الطبيعة ، فهو مستعد لمقارنة الفصول ما دامت طبيعته الجنسية باقية. وإذا كان حال الجنس الذي لا يتحصّل حال وجوده (إلّا) (٢) بالمقارنة كذلك ، فكيف يكون حال الأنواع المحصّلة الغنية عن المقارنة في كونها مستعدة لمقارنة أعراض تلحقها لحوق شيء غير محتاج إليه؟ أي إنّما تكون الأنواع باقتضاء الاستعداد ما دامت على طبائعها النوعية أولى من الأجناس. ولما كانت الماهية المعقولة ـ التي نحن في قصتها ـ نوعية محصّلة غنية عن مقارنة سائر المعقولات ، فهي باستلزام استعداد مقارنتها بحسب الذات في جميع الأحوال أولى من غيرها.
الحجة الثانية : (٣) إنّهم قالوا : كل ما كان مجردا عن المادة ولواحقها فذاته المجردة حاضرة لذاته وحاصلة لها ، وكل مجرد يحضر عنده مجرد فهو يعقل ذلك المجرد. فإذن كل مجرد فانّه يعقل ذاته.
أمّا الصغرى : فلأنّ الشيء إمّا أن يكون قائما بذاته وموجودا (٤) لذاته ، وإمّا
__________________
(١) كذا في المخطوطة ، وفي شرح الاشارات : «بالقوة العاقلة».
(٢) ليست في المصدر.
(٣) من الحجج التي تمسّك بها الفلاسفة لإثبات عاقلية كل مجرد.
(٤) في المخطوطة : «مجردا» ، اصلحناه طبقا للسياق ونقل الرازي في المباحث المشرقية ١ : ٤٩٢.