عالمة وعاملة (١) ، فالعاملة : هي العقل العملي (٢) ، وهو مقول بالاشتراك على
__________________
ـ قال ابن سينا : «العقل : اسم مشترك لمعان عدة فيقال عقل لصحة الفطرة الأولى في الناس ، فيكون حده أنّه قوة بها يجود التمييز بين الأمور القبيحة والحسنة.
ويقال عقل لما يكسبه الانسان بالتجارب من الأحكام الكلية ، فيكون حدّه أنّه معان مجتمعة في الذهن تكون مقدمات تستنبط بها المصالح والأغراض.
ويقال عقل لمعنى آخر وحدّه أنّه هيئة محمودة للإنسان في حركاته وسكوناته وكلامه واختياره. فهذه المعاني الثلاثة هي التي يطلق عليها الجمهور اسم العقل.
وأمّا الذي يدل عليه اسم العقل عند الحكماء فهي ثمانية معان : أحدها : العقل الذي ذكره الفيلسوف في كتاب البرهان وفرّق بينه وبين العلم ، فقال ما معناه : هذا العقل هو التصورات والتصديقات الحاصلة للنفس بالفطرة ، والعلم ما حصل بالاكتساب. ومنها العقول المذكورة في كتاب النفس. فمن ذلك العقل النظري والعقل العملي». الحدود (التعريفات) : ١١ ـ ١٢.
وقال الجرجاني : «العقل جوهر مجرد عن المادة ، مقارن لها في فعله ، وهي النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله : أنا.
وقيل : العقل : جوهر روحاني خلقه الله تعالى متعلقا ببدن الإنسان.
وقيل : العقل : نور في القلب يعرف الحق والباطل.
وقيل : العقل : جوهر مجرد عن المادة يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف.
وقيل : العقل : قوة للنفس الناطقة ، وهو صريح بأنّ القوة العاقلة أمر مغاير للنفس الناطقة ، وأنّ الفاعل في التحقيق هو النفس والعقل آلة لها ، بمنزلة السكين بالنسبة إلى القاطع.
وقيل : العقل والنفس والذهن ، واحد ، إلّا أنّها سميت عقلا لكونها مدركة ، وسمّيت نفسا لكونها متصرفة ، وسمّيت ذهنا لكونها مستعدة للإدراك ... والصحيح أنّه جوهر مجرد يدرك الفانيات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة». التعريفات : ١٩٦ ـ ١٩٧.
انظر أيضا تفصيل هذا البحث في الكليات لأبي البقاء ٣ : ٢١٦ ـ ٢١٩.
(١) وقد قسّم القوم قوى النفس الناطقة إلى نظرية وعملية ، فانظر كلماتهم في المصادر التالية.
فصوص الحكم : ٨١ ؛ شرح الإشارات ٢ : ٣٥٢ ـ ٣٥٨ ؛ الفصل الأوّل من المقالة الخامسة من الفن السادس من طبيعيات الشفاء ؛ رسائل الشيخ ، رسالة في النفس : ٢٠٥ ؛ طبيعيات النجاة : ١٦٣ ـ ١٦٥ ؛ ابن سينا ، الحدود (التعريفات) : ١٢ ؛ التحصيل : ٧٨٩ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٤٨٥ ؛ كشف المراد : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ؛ شرح المواقف ٦ : ٤٣ ـ ٤٩ ؛ الأسفار ٣ : ٤١٨.
(٢) يسمى باليونانية : «نوس براكتيكوس». راجع رسائل الشيخ ، رسالة في النفس : ٢٠٧.