وزادت المعتزلة في العلوم التي يشتمل عليها العقل ، العلم بحسن الحسن وقبح القبيح ، لأنّهم يعدونه في (١) البديهيات.
وقال القاضي أبو بكر : العقل هو العلم بوجوب الواجبات واستحالة المستحيلات ومجاري العادات (٢).
وقال المحاسبي (٣) ـ من أهل السنّة ـ : هو غريزة يتوصل بها إلى المعرفة.
قال مشايخ المعتزلة : العقل : عبارة عن جملة من العلوم متى حصلت سمّي عقلا ، وإذا انفرد البعض عن البعض لم يسم عقلا. وهذه الجملة لا تخرج عن أن تكون علما بالأعيان وأحوالها ، أو علما بالأفعال وأحكامها. فأوّل هذه العلوم في الرتبة وأقواها علم الإنسان بنفسه وأحوال نفسه أو كثير منها. ويتبعه في الجلاء والقوة العلم بالمدركات عند السلامة. ويتبعه العلم بما لا يدركه انّه ليس. ويتبعه انّه لو كان لأدركه.
ثم يجب أن تحصل له علوم القسمة كالعلم بأنّ المعلوم : إمّا موجود ، أو معدوم. وأنّ الموجود : إمّا قديم ، أو محدث. وأن يعلم امتناع حصول الجسم الواحد
__________________
(١) كذا ولعلها : «من».
(٢) أي المعلومات التي تستفاد من جريان العادة. راجع شرح المواقف ٦ : ٤٧.
(٣) في المخطوطة : «المحاسعى» وهو من تصحيف الناسخ والصحيح ما أثبتناه طبقا لنقل الطوسي في نقد المحصل. وهو أبو عبد الله حارث بن أسد المحاسبي (... ـ ٢٤٣ ه) من أكابر الصوفية. كان عالما بالأصول والمعاملات ، واعظا مبكيا ، وله تصانيف في الزهد والرد على المعتزلة وغيرهم. ولد ونشأ بالبصرة ومات ببغداد. وهو أستاذ أكثر البغداديين في عصره. وقيل : إنّ الحارث تكلم في شيء من «الكلام» فهجره أحمد بن حنبل ، فاختفى في داره ببغداد ومات فيها ولم يصل عليه إلّا أربعة نفر.
من كتبه : آداب النفوس ، شرح المعرفة ، مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه و....
راجع : تهذيب التهذيب ٢ : ١٣٤ ؛ صفة الصفوة ٢ : ٢٠٧ ؛ ميزان الاعتدال ١ : ١٩٩ ؛ حلية الأولياء ١ : ٧٣ ؛ تاريخ بغداد ٨ : ٢١١.