ثم إنّ للقوة بهذا المعنى مبدأ ولازما ، فالمبدأ : القدرة ، وهو كون الحيوان بحيث إذا شاء أن يفعل فعل ، وإذا شاء أن يترك ترك ، وضد ذلك العجز.
واللازم : هو أن لا ينفعل الشيء بسهولة ، ولا يضعف ، لأنّ الذي يزاول التحريكات الشاقة ربّما ينفعل عنها وذلك الانفعال يصده عن تمامية الفعل ، فلا جرم صار اللاانفعال دليلا على الشدة.
فينقل اسم القوة (١) إليهما أعني القدرة واللاانفعال (٢).
ثم للقدرة وصف هو كالجنس لها ولازم.
أمّا الذي هو كالجنس فكونها صفة مؤثرة في الغير.
وأمّا اللازم فهو الإمكان ؛ لأنّ القادر إنّما يصح فعله فيما هو ممكن ، لأنّه لمّا صح منه أن يفعل وصح أن لا يفعل كان صدور الفعل منه ممكنا ، فكان الإمكان لازما له.
فنقل (٣) اسم القوة إليهما فصارت اسما للجنس وهو كل صفة مؤثرة في الغير ، ولذلك اللازم وهو الإمكان (٤) ، فيقولون للثوب الأبيض : إنّه أسود بالقوة ، بمعنى أنّه يمكن أن يصير أسود. ثم سمّوا الحصول والوجود فعلا وإن لم يكن في الحقيقة فعلا ، بل انفعالا فإنّه لما كان المعنى الذي وضع اسم القوة له أوّلا كان
__________________
(١) ق : «القدرة».
(٢) وهما المبدأ واللازم.
(٣) ق : «فيغلب».
(٤) في هامش نسخة ج : «كما يقال للصبي : إنّه شاب بالقوة وعند حصول الشباب له يقال له شاب بالفعل م». ولعل حرف م رمز ل «منه» أي المصنّف.