اعترضه أفضل المتأخرين : «بأنّه منقوض بالعلة والمعلول ، والشرط والمشروط» (١). فإنّ العلة إنّما يحتاج المعلول إليها لتخرجه من العدم إلى الوجود ، مع أنّها موجودة معه غير متقدمة عليه ، وكذا الشرط مع المشروط المساوي.
وأجاب أفضل المحققين بأن : «ايراد النقض بالعلة والمعلول ، والشرط والمشروط ليس بنافع ؛ لأنّ العلة أيضا قبل وقوع المعلول ممتنعة العلية ، وكذلك حال وقوعه ، وذلك لانضياف القبل والحال إليها».
ثم عارض المعتزلة بأنّ : «الحاجة إلى القدرة وحدها لأجل أن يدخل الفعل من العدم إلى الوجود ، لا إليها مأخوذة مع حدوث الفعل أو عدمه» (٢).
وفيه نظر ، فإنّ الفرق واقع بين القدرة والعلّة ؛ لأنّ القدرة إنّما يحتاج إليها لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود ، من المختار الذي يجب تقدم قدرته واختياره بالزمان على الفعل ، بخلاف العلّة والمعلول المقترنين بالزمان.
وما ذكره أفضل المحققين ليس بوارد ؛ لأنّ الشك هكذا : لو احتاج الإخراج من العدم إلى الوجود إلى تقدم المحتاج إليه بالزمان لثبت ذلك في العلة والمعلول. ومعلوم أنّه لا يندفع بما ذكره ، بل بما قلناه أوّلا من الفرق بين العلة الموجبة والقدرة المصححة. على أنّ المعلول إذا انحصرت أحواله في ثلاث وامتنع تأثير العلة فيه في الثلاث امتنع تأثيره فيه مطلقا.
نعم العلة تؤثر في المعلول من حيث هو هو لا مأخوذا بعد العلّة ، أو معها ، أو قبلها ، وإن امتنع تأثيرها إلّا في أحد الأحوال ، لكن لا بشرط أحدها. وإذا كانت الحاجة إلى القدرة وحدها لادخال الفعل من العدم إلى الوجود وجب أن يوجد اعتبار حدوث الفعل وعدمه في الحاجة.
__________________
(١) و (٢) نفس المصدر.