السادس : الفرق بين القدرة والعلّة هو وجوب الأثر وعدمه ، فلو وجب الاقتران لم يبق بين القدرة المؤثرة على سبيل الصحة والإمكان والعلة المؤثرة على سبيل الوجوب ، تغاير ، وهو محال بالضرورة.
السابع : هنا حالتان للقدرة قطعا : حالة حاجة إليها ، وحالة الاستغناء هي حالة الوجود لاستحالة تحصيل الحاصل ، فلم تبق حالة الحاجة إلّا حالة العدم فيخرج القادر بقدرته الفعل من العدم إلى الوجود ، وهذا يقتضي تقدمها لا محالة بخلاف وجوب مقارنة السبب لمسببه ، لأنّ السبب لا يؤثر في الأحداث ، وإنّما التأثير في ذلك للقدرة.
الثامن : لو وجبت مقارنتها للفعل لقدح في طريق إثباتها ، وكل حكم يرجع على أصله بالإبطال فإنّه يكون باطلا.
بيان الشرطية : أنّ القدرة إنّما يعلم ثبوتها بعد العلم بكون أحدنا قادرا ، وإنّما نعرف الواحد منا قادرا بوقوع تصرفه بحسب دواعيه ومقاصده ، لأنّه ما لم نعرف محدثا لتصرفه لا نعرف أنه قادر ، وهذا طريق إثباته ، وإذا ثبت هذا فلو كانت القدرة متى وجدت وجب وقوع الفعل معها لبطل اعتبار الدواعي والإرادة ، ولم يكن لهما تأثير ، وإذا لم يكن بذلك معتبر فلا طريق إلى أن أحدنا فاعل ، وفساد هذا الطريق يقود إلى الجهل بكونه قادرا. وإذا لم نعرف قادرا لم نعرف القدرة.
التاسع : (١) إن كانت قدرة القديم تعالى سابقة على مقدوراته (٢) من الأجسام وغيرها كانت قدرتنا على أفعالنا كذلك ، لكن المقدم حق قطعا ، فالتالي مثله.
بيان الشرطية : أنّ هذا الحكم راجع إلى القدرة ؛ لأنّ الفعل في الأزل ممكن
__________________
(١) انظر الوجه في شرح الأصول الخمسة : ٤١٤.
(٢) في المخطوطة : «معدوداته» ، أصلحناها وفقا للسياق.