فغير مسلم ؛ لأنّ من دونها لا يوصف الحيّ بصحّة الفعل منه ولهذا الصحة على مذهبهم لا تثبت ؛ لأنّ الحال يتردد بين أمرين لا غير : وجوب الفعل وهو عند وجود القدرة ، وامتناعه وهو حال عدمها.
وأيضا ينتقض بالقديم تعالى ؛ لأنّه يصح منه الفعل قبل أن يوجده ، وعند الوجود لا يحتاج إلى أمر زائد.
فإن أثبتوا أمرا موجبا هو كونه مريدا ، فهو أمر دائم مستمر غير متجدد ، وإلّا لزم وجود العالم أبدا ، لثبوت ما يوجب وجوده.
وأيضا لو سلمنا وجوب وجود أمر سوى القدرة قلنا نعم ، وهو الإرادة.
وعن ح : أنّ من الآلة ما يجب تقديمه ومنها ما لا يجب ، والقدرة من قبيل الأوّل(١).
وعن ط : أنّه قياس خال عن الجامع. على أنّهم يفرقون بينهما بأنّ الحس تدرك به الأضداد وليست قدرة عندهم متعلقة بالضدين ، فتغايرا في الأحكام.
__________________
(١) إنّ القاضي عبد الجبار قد عقد فصلا في تقسيم الآلات ، فقسّمها إلى ثلاث :
١ ـ ما يجب تقدمها ولا يجب مقارنتها ، وذلك كما يكون وصلة إلى الفعل ، نحو القوس ، فإنّها لا بد أن تكون متقدمة على الإصابة.
٢ ـ ما يجب تقدمها ومقارنتها جميعا ، وذلك كل ما يكون محلا للفعل ، نحو اللسان ، فانّه يجب تقدمه حتى يكون معينا على الكلام ، ويجب مقارنته حتى يكون محلا.
٣ ـ ما يجب مقارنتها ولا يجوز فيها التقدم ، وذلك كصلابة الأرض في التصرف ، فانّها ينبغي أن تكون ثابتة في الحال ولا يجب تقدمها.
ثم قال : إذا ثبت هذا ، فلنا أن ننظر أنّ القدرة من أي هذه الأقسام هي ، فنظرنا فإذا هي من قسمة ما يجب تقدمها ، لأنّها كالوصلة إلى الفعل». شرح الأصول الخمسة : ٤٠٩ ـ ٤١٠.
ثم استفاد من هذا التقسيم في الجواب عن شبهة الأشاعرة. راجع نفس المصدر : ٤٢٦.