أحد الضدين حصل ذلك الضد ، وإن انضم إليها القصد إلى الضد الثاني حصل الضد الثاني ، فلا شك أنّ القدرة قدرة على الضدين.
وأيضا إن عنوا به أنّ القدرة ليست قوة تامة على الشيء وضده ، فحق أنّها ليست متعلّقة بالضدين ؛ لأنّ هذه القوة متى كانت مترددة بين الضدين استحال أن يصدر عنها أحدهما ، لأنّه ليس أحد الجانبين أولى من الآخر ، ومتى خرجت عن حد التردد لم تكن قوة على الضدين.
وإن أرادوا به أنّ القوة التي انضم إليها مرجح حتى صارت مؤثرة في أحد الضدين ، لا يمكن أن ينضم إليها مرجّح آخر تصير مؤثرة في الضد الآخر ، فذلك باطل (١).
لنا وجوه :
الأوّل : الضرورة ، فإنّها قاضية بأنّ من قدر على الحركة يمنة قدر عليها يسرة ، وإن لم توجد فيه إلّا قدرة واحدة. وأنّ القادر على الشيء قادر على تركه ، فمن نازع في ذلك فهو مكابر.
الثاني : القدرة هي الصفة المصحّحة لوجود الفعل من الفاعل ، فلا يجب لها الفعل بل يمكن الفعل والترك بها ، فهي متعلقة بالضدين.
الثالث : الدليل الدال على أنّ الواحد منّا قادر ، يدلّ بعينه على أنّه قادر على الضدين ؛ لأنّ دليل القدرة هو وقوع أفعالنا بحسب دواعينا وانتفائها بحسب صوارفنا بحيث يجب اختصاصه بصفة القادرين ، وإنّما يتم هذا لصحة تحركه يمنة ويسرة وسائر الجهات ، حتى لو كان الواقع منه فعلا واحدا لم يدل على أنّه محدث لذلك الفعل ، ولا أنّه قادر عليه.
__________________
(١) المباحث المشرقية ١ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧.