المدرك وبينه؟
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ من الصور ما هي مطابقة للخارج وهي العلم ، ومنها ما هي غير مطابقة للخارج وهي الجهل. أمّا الإضافة فلا توجد فيها المطابقة وعدمها ؛ لامتناع وجودها في الخارج ، فلا يكون الإدراك بمعنى الإضافة علما ولا جهلا. (١)
وفيه نظر أمّا أوّلا : فللمنع من انحصار سبب الجهل في عدم المطابقة لها في الخارج ، فإنّا إذا جعلنا العلم إضافة أمكن وجود الجهل مع عدم تلك الإضافة ، ومع وقوعها على غير الشرائط المباينة لها.
وأمّا ثانيا : «كون كلّ ما لا يكون مطابقا للخارج جهلا» ، فيكون علمنا باستحالة المستحيلات وبالممتنعات في الخارج جهلا إذ لا مطابق لها في الخارج ، وهو باطل ؛ لأنّ قولنا : «شريك الباري ممتنع» حقّ وصدق.
الثالث : الصور المتخيلة جاز أن تكون موجودة قائمة بأنفسها ، كما قاله أفلاطون ، أو بغيرها من الأجرام الغائبة عنّا ، وهذا وإن كان مستبعدا لكنّه بالتزام أنّ صورة السماء في الذهن مساوية للسماء غير مستبعد.
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ أفلاطون لم يذهب ولا غيره إلى أنّ المحالات المناقضة لأنفسها موجودة في الخارج ، ولا أمكن أن يذهب إلى ذلك ذاهب.
وأمّا القول بكون الصورة المدركة في جسم غائب عن المدرك ، ليس بمستبعد فقط ، إنّما هو مع ذلك من المحالات الظاهرة ، وليس كذلك القول : بأنّ صورة السماء المنطبعة في آلة الإدراك مساوية للسماء ، لاحتمال أن يكون الانطباع في مادة الجسم الذي هو آلة الإدراك ، أو في القوّة المدركة الحالّة فيه اللذين لاحظ
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ : ٣١٦.