عند الشيخ يرجع إلى قولنا : اللذة ادراك الموجود ، وكذلك يكون الألم ادراك المعدوم. وذلك باطل ، أمّا في اللذة ، فلأنّ ادراك احتراق الأعضاء والأصوات المنكرة وما يشبهها ليست بلذّات مع أنّها موجودات. وأمّا في الألم ، فلأنّ العدم لا يحسّ به. فإن فسروا الخير باللذة أو ما يكون وسيلة إليها على ما هو المشهور رجع التعريف إلى قولنا : اللذة هي ادراك اللذة أو ما يكون وسيلة إليها. والكمال أيضا إن فسر : بحصول شيء لشيء من شأنه أن يكون له ، وكان معنى قولهم «من شأنه أن يكون له» امكان اتصافه به لزم أن يكون الجهل وسائر الرذائل كمالات» (١).
قال الشيخ : «إنّ الخير والشر قد يختلفان بحسب القياس ، فالشيء الذي هو عند الشهوة خير هو مثل المطعم الملائم والملبس (٢) الملائم. والذي هو عند الغضب خير فهو الغلبة. والذي عند العقل خير فتارة هو الحق ـ وذلك باعتبار كون العاقل قابلا عما فوقه بالقياس إلى قوته النظرية ـ وتارة الجميل ـ وذلك باعتبار انصرافه عما فوقه وتصرفه فيما دونه بالقياس إلى قوّته العملية ـ. ومن العقليات مثل (٣) الشكر ووفور المدح والحمد والكرامة.
وبالجملة الخيرات التي تكون للعقل بمشاركة سائر القوى ، وهي التي تختلف الهمم فيها لاختلاف أحوال تلك القوى. أمّا العقلي الصرف فلا يختلف البتة. وكل خير بالقياس إلى شيء ما فهو الكمال الذي يختص به وينحوه باستعداده الأوّل ؛ فإنّ الشيء إنّما يقصد ويميل إلى شيء يكون مؤثرا بالقياس إليه» (٤).
__________________
(١) شرح الاشارات ٣ : ٣٣٩.
(٢) في جميع النسخ : «الملمس» وما أثبتناه من المصدر.
(٣) في المصدر : «نيل».
(٤) نفس المصدر : ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، مع توضيحات المحقق الطوسي.