الدواء بالأدوية الكريهة حتى يلتذوا بالأطعمة ؛ لأنّه يجري مجرى من يجرح نفسه ثم يطلب المداواة ، فلو لا ثبوت لذة إذا حصلت الشهوة ، وإلّا كان ذلك قبيحا.
الرابع : انّه يدرك اللذة على حد ادراكه الألم فلو كانت اللذة خروجا من مؤلم لكان الألم خروجا من ملذّ.
الخامس : انّه يدرك اللذة والإدراك إنّما يتعلق بأمر وجودي لا عدمي.
السادس : كان يجب أن لا يظهر التزايد في الالتذاذ لأنّ العدم لا تزايد فيه ، والتالي باطل بالوجدان فالمقدم مثله.
السابع : كان يجب أن تكون الشهوة ألما ، إذا جعل نيل المشتهى زوال الألم والخروج منه ، ونحن لا نتألم بالشهوة.
الثامن : انا نفرق قطعا بين ادراك طعام شهي ، وبين القاء حمل ثقيل عن ظهورنا ، فلو كان الأمر على ما قاله لم يثبت الفرق.
احتج أبو إسحاق بأنّ الألم لو كان معنى متولدا عن الكون لكان باقيا مع الاندمال(١) لوجود سببه.
وأجيب : بأنّ الكون وإن ولده فإنّما يولده بشرط زوال الصحّة ، ومع الاندمال الصحة ثابتة وإذا زال الشرط زال المشروط.
__________________
(١) الاندمال : التماثل من المرض والجرح. لسان العرب ، مادة دمل. واندمل الجرح : تماثل وتراجع إلى البرء.