يفترقان بما يقترن بهما ، وجعلوا الألم معنى يحدث في الحي عند التقطيع ويتعلق به النفار ، وهو من المدركات.
ونفى الشيخ أبو اسحاق ابن عياش أن يكون الألم معنى. وقال : ليس هو إلّا خروج الجسم عن حد الاعتدال. وجعل اللذة حصول الاعتدال في الجسم وزوال أجزاء عنه كانت بمنزلة حمل الثقيل.
فأداه هذا إلى القول بنفي النفار. ويلزمه نفي الشهوة إذا جعلناه لذة على بعض الوجوه ، وهو قريب من مذهب ابن زكريا حيث جعل اللذة راحة من مؤلم أو خروج من مؤلم ؛ لأنّ من اشتد عطشه تزداد شهوته للماء البارد فيجب أن تكون لذته خروجا عما كان يجده. وهو ممنوع ؛ لجواز الالتذاذ بادراك الماء البارد ، وإن استلزم الخروج عن ألم العطش.
ثم يبطل قوله زيادة على ما تقدم بوجوه (١).
الأوّل : قد يلتذّ الإنسان بمشاهدة شخص ولا يلحقه بفقده ألم حتى يقال : اللذة خروج من مؤلم.
الثاني : يلزم أن لا يؤثر الواحد منا طعاما على طعام ، ولا منكوحة على أخرى ، لأنّ الغرض ازالة الجوع أو الشبق ، وهو حاصل بهما ، ويبقى حاله كحال من أصابه البرد فإنّه لا يؤثر صلا (٢) على صلا (٣) ، حيث تعلق غرضه بازالة البرد.
الثالث : كان لا يحسن من العقلاء عند ضعف شهواتهم الالتجاء إلى طلب
__________________
(١) انظر بعض الوجوه في كتاب الحدود لقطب الدين النيسابوري : ٥٦ ـ ٥٧.
راجع أيضا شرح الأصول الخمسة : ٢١٤.
(٢) الصّلا والصّلاء مثل الأيا والإياء إذا كسرت مددت ، وإذا فتحت قصرت. وهو اسم للوقود ، فتقول : صلى النار ، وقيل : هما النار. وصلّى يده بالنار : سخّنها. واصطلى بها : استدفأ. (لسان العرب : ٧ / ٣٩٩ ، مادة : صلا).
(٣) ق : «صل».