ينكسر البعض بالبعض ويحصل الاعتدال ، فإذا تفرقت بقيت طبيعة كلّ واحد منها خالية عمّا يعوقها عن إفاضة الكيفية الخارجة عن الاعتدال ، فحينئذ تفيض عليها (١) تلك الكيفيات.
فالحاصل : أنّ السبب الفاعلي (٢) لسوء المزاج هو طبيعة كلّ واحد من البسائط ، إلّا أنّ اختلاطها صار مانعا من ذلك ، فلما تفرق الاتصال فقد عدم المانع ، فتعود الطبيعة مقتضية لفعلها» (٣).
وفيه نظر ، (٤) فانّ العدمي جزؤه عدم ، وإذا كان جزء العلّة عدما كانت عدما ، فلا يمكن أن يكون علّة للموجود. ولو جوّزنا كون العدمي علّة للوجودي انسد باب اثبات الصانع تعالى ، وجميع الأسباب التي ندّعي ثبوتها باعتبار ثبوت آثارها!! ثمّ الضرورة تبطل اسناد الوجودي إلى العدمي. وليس السكون معلولا لعدم الحركة ، بل إلى سبب موجود فيه إن جعلناه وجوديا كما هو رأي المتكلمين ، وإن جعلناه عدميا كما هو رأي الحكماء لم يتم الدليل. والخرس عدمي فاستند إلى عدم السمع ، على أنّه لا يلزم من التقارن العلية. والجوع نمنع انّه ثبوتي وأنّه معلول عدم الغذاء ، بل عدم الغذاء شرط له. وتفريق الاتصال في العضو الذي لا يكون فيه حس أو يعرض له خدر أو يكون معه استمرار من غير ألم لعدم الاحساس فيه ، يدل على التغاير بين الألم والتفريق. ولا يمكن أن يكون التفريق طبيعيا ، وإلّا لدام.
والوجه أنّ التفريق ثبوتي ، والانفصال التعدد وهو أمر ثبوتي أيضا فجاز أن يكون سببا للألم.
__________________
(١) في المصدر : «عنها».
(٢) ج : «الفاعل».
(٣) المباحث المشرقية ١ : ٥١٧ ـ ٥١٨.
(٤) راجع مناهج اليقين : ١٢٢.