لها ولا ألم في محسوساتها ، ومنها ما تلتذ وتتألم بتوسط المحسوسات. فالأوّل البصر والسمع ، فإنّ البصر لا يلتذ بالألوان ولا يألم بها ، وكذا السمع ، بل الملتذ والمتألم فيهما النفس من داخل. وأمّا الشم والذوق ، فيألمان ويلتذان إذا تكيفا بكيفية ملائمة أو منافرة.
نعم قد يعرض لآلة السمع والبصر تألم من صوت شديد أو لون مفرّق للبصر كالضوء ، فليس يألم حيث يسمع أو يبصر ، بل من حيث يلمس لأنّه يحدث فيه ألم لمسي ، وكذلك يحدث منه بزوال (١) ذلك لذة لمسيّة.
وأمّا اللمس فإنّه قد يألم بالكيفية الملموسة ويلتذ بها ، وقد (٢) يتألم ويلتذ بغير توسط كيفية من (٣) المحسوس الأوّل بل بتفرق الاتصال والتئامه» (٤).
لا يقال : لا شكّ أنّ الملائم للعين هو الابصار ، وقد حدّ اللذة : بأنّها إدراك الملائم ، فكيف زعم أنّ العين لا تلتذ بذلك؟
لأنّا نقول : لا نسلم أنّ في العين قوة مدركة بل المتصور (٥) والسامع هو النفس ، وهذه آلات لها في هذه الإدراكات ، فاندفع الاشكال.
لكنّه لازم على الشيخ ، لكن له أن يعتذر بأنّ الألوان ليست ملائمة للقوة الباصرة ، فانّه يستحيل اتصاف القوة الباصرة بالألوان. نعم إدراك الألوان ملائم للقوة الباصرة ، والشيخ لم يجعل حصول الملائم لذة ، بل [جعل] اللذة إدراك الملائم ، والقوة الباصرة إذا أبصرت حصل لها الملائم وهو إدراك الألوان ولم يحصل
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «زوال».
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «فقد».
(٣) في المصدر : «هي».
(٤) انتهى كلام الشيخ ، ووصفه الرازي بانّه الحقّ الصريح.
(٥) كذا في النسخ ، وفي المباحث : «المبصر».