لها إدراك هذا الملائم ، فانّ البصر لم يدرك كونه مدركا للألوان ؛ لأنّ ذلك شيء لا يتعلق بالبصر بل بالنفس الدراكة للأشياء ، فلا جرم حصلت اللذة للنفس دون البصر.
قيل : قوة اللمس لا تتصف بالكيفيات الملموسة فلا تكون تلك الكيفيات ملائمة لها ، لأنّ الملائم هو الذي يكون كمالا للشيء ، وأقلّ درجات الكمال إمكان حصوله للشيء ، بل الملائم للقوة اللامسة إدراك الملموسات وليس لها أن تدرك أنّها أدركت الملموسات ، بل المدرك لذلك النفس. فهي إذن لم تدرك الملائم ، فلا تكون لها لذة. لكن الشيخ اعترف بحصول اللذة للقوة اللامسة.
والحاصل أنّه لا فرق بين الحواس وأنّ هذه المحسوسات ، إمّا أن تكون ملائمة للحواس فيكون إدراكها إدراكا للملائم فيكون إدراك البصر للألوان إدراكا للملائم فيكون قول الشيخ بعد ذلك : «إنّ البصر لا يلتذ بالألوان» يناقض قوله : «اللذة إدراك الملائم» ، أو لا تكون ملائمة بل الملائم لهذه الحواس هو الاحساس لا المحسوس فحينئذ إمّا أن يقول : حصول الملائم هو اللذة ، فيلزمه تسليم اللذة للبصر أو : إدراك الملائم الذي يحصل هو اللذة ، فلا تثبت اللذة في حاسة اللمس ؛ لأنّه ليس الملائم لها الملموسات بل الاحساس بها ، ثمّ ليس لها إدراك لذلك الاحساس ، فليس لها إدراك الملائم ، فوجب أن لا تكون لها لذّة.