ثانيا : أنّا نعلم أنّ القيامة ستكون ، فبين العلم والقيامة الكائنة في المستقبل إضافة موجودة بالفعل والعلم بها موجود الآن والقيامة معدومة ، إذ لو كانت موجودة لكان العلم مضافا إلى أنّها كائنة لا أنّها ستكون ، والعلم بها موجود.
ثالثا : قيل : العلّة متقدمة على المعلول ، وهو محال ، فإنّ العلّة لا يعقل مفهومها إلّا مع المعلول ، وحيث لا معلول فلا علّية.
أجاب الشيخ (١) عن الأوّل : بأنّ التقدم والتأخّر يعتبران من وجهين :
الأوّل : بحسب الذهن مطلقا ، وهو أن يحضر الذهن زمانين معا (٢) فيجد أحدهما سابقا على الآخر ومتقدّما عليه والآخر متأخّرا عنه ، لامتناع التقارن بينهما ، وإلّا لانتفت إضافة التقدم والتأخر وثبتت إضافة مغايرة لهما ، وإذا حضرا في الذهن معا فقد حصلا جميعا في الذهن وحصل الغرض.
الثاني : بحسب الوجود مستندا إلى الذهن ، وهو أنّ الزمان المتقدّم إذا كان موجودا فموجود من الآخر أنّه ليس هو بموجود ، وممكن أن يوجد إمكانا يؤدي إلى وجوب وهذا (٣) كونه متأخّرا وهذا الوصف للزمان الثاني موجود في الذهن عند وجود الزمان المتقدم ، فإذا وجد المتأخّر فانّه موجود في الذهن حينئذ أنّ الزمان الثاني (٤) ليس موجودا. ونسبته إلى الذهن نسبة شيء كان موجودا ففقد. وهذا أيضا أمر موجود مع الزمان المتأخر. فأمّا نسبة المتأخر إلى المتقدم على وجه آخر غير ما ذكرناه ، فلا وجود له في الأُمور ، بل في الذهن.
اعترض (٥) بأنّ الأوّل : هو الصحيح ، لكنّه يتضمن التصريح بأنّ إضافة
__________________
(١) في الفصل الرابع من المقالة الرابعة من قاطيغورياس الشفاء : ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، بتصرف العلامة.
(٢) في المصدر : «في الوهم» بعد «معا».
(٣) ق : «هكذا».
(٤) ج : «المتقدم» ، وما أثبتناه من ق يطابق المصدر.
(٥) المعترض هو الرازي في المباحث ١ : ٥٥٧ ـ ٥٥٨.