المتقدم والمتأخر لا وجود لها في الأعيان ، بل في الأذهان خاصة.
وأمّا الثاني : فضعيف ؛ لأنّ قوله : «الزمان المتقدم إذا كان موجودا فموجود من الآخر أنّه ليس بموجود ، ويمكن أن يوجد» توهم أنّ للاوجود وجود ، وهو ظاهر البطلان فإن سلب الوجود لو كان وجودا لكان الشيء عين نقيضه ، وهو محال.
فإذن لا إضافة بين الجزء الموجود والمعدوم ؛ لأنّه لا وجود للمعدوم ، فكيف تتحقّق الإضافة الوجودية بالنسبة إليه مع أنّ وجود الإضافة يتأخّر عن وجود المضافين؟
ثمّ لو سلّمنا أنّ لا وجود للجزء المستقبل أمرا موجودا (١) ، لكن الجزء الحاضر ليس متقدما على سلب وجود المستقبل ، ولا هو مضاف إليه إضافة التقدم ؛ لأنّهما معا متحققان ، بل إضافة التقدّم إنّما هي بالنسبة إلى وجود المستقبل ، ووجود المستقبل غير حاضر وإلّا لم يكن مستقبلا ، فالإضافة إلى معدوم فلا وجود لها في الأعيان أصلا ، بل في الأذهان.
وعن الثاني : أنّ العلم بأنّ القيامة ستكون علم بحكم من أحكام القيامة ، وهو صفة أنّها ستكون ، وهذه الصفة حاضرة الآن في الذهن عند إضافة العلم إليها ، وحضورها في الذهن لا يكون إلّا حال كونها معدومة في الأعيان ، فالمعلوم حاضر مع العلم.
فالحاصل من الجواب الأوّل : أنّ إضافتي التقدّم والتأخّر لا وجود لهما إلّا في الأذهان وهما حاصلتان حتى يعتبر العقل تكافؤهما.
ومن الثاني : أنّ كون القيامة ستكون معنى حاصلا في الذهن فتحققت الإضافة.
__________________
(١) في المباحث : «فبتقدير أن يكون لا وجود الجزء المستقبل أمرا وجوديا».