وفيه نظر ، لأنّ إضافة التقدّم إمّا للذهني بالنسبة إلى الذهني ، وهو محال لوجودهما معا. أو للذهني بالنسبة إلى الخارجي وهو محال ، لوجوب الاتّفاق في الوجودين في الإضافتين. أو للخارجي بالنسبة إلى الخارجي ويجب وجودهما في الخارج معا.
وعن الثالث : بأنّ هوية ما حمل عليه العلّية متقدم على هوية ما حمل عليه المعلولية لا من حيث العلية والمعلولية ، وهذان معا.
وفيه نظر ، فإنّ التقدم إنّما لحق باعتبار وصف العلية لا باعتبار الذات من حيث هي هي وإلّا لوجد من تعقّلها تعقّله ، فهذا بيان تلازم الإضافتين.
وأمّا معروضاهما : فقد يصح وجود كلّ منهما مع عدم الآخر ، كالمالك والمملوك ، فإنّ ذات كلّ منهما يصحّ وجوده مع عدم الآخر. وقد يصحّ وجود ذات أحدهما مع عدم ذات الآخر دون العكس ، كالمعلوم والمحسوس. ومنه ما يمنع (١) وجود ذات أحدهما عند عدم ذات الآخر ، كالمعلول المساوي.
قال الشيخ (٢) : «من المشهور أنّ المضافات كلّها يلزمها أنّها معا في الوجود ، أي أيّهما وجد كان الآخر موجودا وأيّهما عدم كان الآخر معدوما ، مثل الضعف والنصف ، ولكن قد لا يقع في بعض الأشياء تكافؤ في الوجود معا من جهة أُخرى ، كالعلم والحس ، أي الإدراكان لا القوتان المشاركتان لهما في الاسم. فإن كان هذا العلم في جوهره يلزمه دائما أن يكون مضافا إلى المعلوم موجودا معه ، وذات المعلوم في جوهره لا يلزمه ذلك ، فإنّه قد يوجد غير مضاف إلى العلم ، وإن كانا من حيث هما متضايفان لا يتقدم أحدهما على الآخر ، وليس الغرض ذلك ،
__________________
(١) في المباحث : «يمتنع».
(٢) في الفصل الرابع من المقالة الرابعة من قاطيغورياس (المقولات) الشفاء ١ : ١٥٠ ـ ١٥٤ ، وانظر أيضا منطق أرسطو : ٥١ وما يليها.