الوجود معا ، فليس ذلك أيضا ممّا ينتقض به ما قلناه. فإنّا لم نقل : ولا شيء بين المتضايفات تتكافأ في الوجود (١) ، بل قلنا : إنّ أكثرها كذلك.
وأمّا أمر المربّع والدائرة فليس يتغير فيه غرضنا ، لأنّه إن كان لهذا المربع إمكان وجود فلا يستحيل فرضه موجودا ، وليس فرضه موجودا يوجب أن يكون العلم به حاصلا ، بل يجوز أن يكون هذا المربع موجودا ونحن على جملتنا (٢) من الجهل به ، فبيّن أنّ جميع ما أورد من هذه الطعون لا يفسد الغرض الذي نقصده».
قال (٣) : «لكن قدماء من المتكلفين أجابوا في شبهة تكافؤ العلم والمعلوم فقالوا : إنّ الذي يقال من أنّ المعلوم قد توجد ذاته والعلم به لا يكون ، قول غير حق ؛ فإنّ هنا علما موجودا لكلّ (٤) شيء وجودا لا يتأخر عن الأشياء ، هو علم الباري تعالى والملائكة ، ولم يعلم (٥) أنّ هذا وإن كان حقّا ، فليس جوابا عن الشكّ ، لأنّ المتشكك ليس يقول : إنّه ولا شيء من المتضايفات لا يكونان (٦) معا. ولا أيضا يقول : إنّه ولا شيء من العلم والمعلوم يكون معا ؛ ولا يحتاج إلى ذلك ، فإنّ دعواه أنّه ليس كلّ متضايفين يكونان معا. وهذه الدعوى تصحّ بمثال واحد يورده المتشكك في علم واحد ، فيقول : علمي بوجود العالم لا يصح أن يكون علما وذاتا ، والعالم غير موجود الذات. ثمّ العالم قد يكون موجودا في ذاته ، وليس علمي به بموجود ، وكذا إن لم يعتبر شرط الذات ؛ فإذا كان علمه بالعالم بهذه الصفة ، ولم يكن علم البتة غير هذا العلم الواحد إلّا وهو موجود والعالم دائما معا ، لا العلم
__________________
(١) في المصدر : «في الوجود معا».
(٢) س : «حملنا».
(٣) في نفس المصدر : ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٤) في المصدر : «بكل».
(٥) في المصدر : «يعلموا».
(٦) في المصدر : «يكون».