المضافات لا وجود لها في الأعيان إلّا بالإمكان ، والإمكان غير الوجود ، وذلك مثل قولنا : إذا أخرج عن شكل كذا خط منحن كذا في جنب خط كذا ، لم يزل يتقارب الخطان ولا يلتقيان ، فإنّ هذا أيضا لا وجود له إلّا في الذهن.
وهذا المثال الذي أوردوه ، وهو حال المربع المساوي للدائرة ـ الذي يجعلونه موجودا وإن لم يعلم ـ فهو مثال أشد إشكالا من الدعوى ، فليت شعرنا أين وجوده؟! فإنّه إن كان له وجود في الذهن فيجب أن يكون معلوما ، وإن كان له في الأعيان وجود حاصل ، فبأي دليل عرفوا ذلك؟! ومن حدثهم به؟! فإن (١) عنوا به ممكنا أن يوجد ، فذلك أمر بالقوة ، كما أنّ العلم به أيضا ممكن أن يوجد.
فنقول لمن قال هذا ونسأله (٢) : ليس يمكنك وأنت منطقي أن تتحقق هذه الأحوال كنه التحقيق ، وإنّما كان غرضنا فيما أوردناه أن تعلم أنّه يمكن أن يكون لذات أحد المتضايفين وجود لا ينفك من الإضافة إلى الآخر ، وليس الآخر بمكاف له في ذلك. فإن كان علم تصوري أو تصديق ليس مضافا إلى شيء آخر ، فليس هو من جملة المتضايفات التي نذكرها. وإذا (٣) لم يكن من جملة ما ذكرناه ، لم ينتقض به ما قلناه ، بل جعلنا مثالنا الذي نعتمده من الشيء الذي لا يكون علما إلّا وهو مضاف ، وذلك مثل علمنا بأنّ الفلك موجود متحرك (٤) على الاستدارة. وهذا العلم هو في الجملة التي ذكرناها ، والشرط الذي أشرنا إليه ، وإن كان لما أوردناه قبل مثال (٥) يضايف (٦) في الذهن أو خارج الذهن ، فكان (٧) مكافئه في
__________________
(١) في المصدر : «وإن».
(٢) في المصدر : «سأله».
(٣) في المصدر : «فإذا».
(٤) في نسخة من المصدر : «متحركا».
(٥) في المصدر : «مثالا».
(٦) في نسخة من المصدر : «مضايفا».
(٧) في المصدر : «وكان».