كالتيامن والتياسر ، وإلى ما تكون حقيقة تلزمها الإضافة. وتنقسم إلى ما لا يتغير بتغير المضاف إليه كالقدرة ، وإلى ما يتغير كالعلم.
إذا عرفت هذا فنقول : العلم لا يعقل إلّا مضافا تارة إلى العالم ، بأن يقال : العلم علم للعالم ، والعالم عالم بالعلم ، وتختلف هنا حرف الصلة بين المضاف والمضاف إليه. وتارة إلى المعلوم ، فيقال : العلم علم بالمعلوم ، والمعلوم معلوم بالعلم ، فتتحد هنا حرف الصلة. فهل العلم نفس هذه الإضافة المحضة ، أو هي صفة حقيقية تتبعها الإضافة؟
واختلف الناس في ذلك ، فذهب بعضهم إلى الأوّل (١) ، وآخرون إلى الثاني. وبالجملة فالعلم لا ينفك عن الإضافة ، إمّا بأن يكون نوعا منها ، أو مشروطا بها ، والقولان متقاربان.
واستدل بعضهم على كونه إضافة ، بأنّه لا يمكننا أن نعقل كون الشيء عالما إلّا إذا وضعنا في مقابلته معلوما. (٢)
وهذا لا يدلّ على مطلوبه ، لجواز أن يكون أمرا تلزمه الإضافة.
ثمّ القائلون بكون العلم إضافة : منهم من سمّى هذه الإضافة بالتعلّق ، وهو أبو الحسين البصري ومن تبعه (٣) ، وأثبتوا معنى آخر يقتضي هذا التعلّق. ومنهم من قال : العلم عرض يوجب العالمية ، والعالمية حالة لها تعلّق بالمعلوم ، فأثبتوا أمورا ثلاثة : العلم والعالمية والتعلّق ، وهم القائلون بالأحوال (٤) ، وسيأتي
__________________
(١) هذا ما ذهب إليه الرازي في المباحث المشرقية ١ : ٤٥٠ وتلخيص المحصل : ١٥٧ ، حيث قال فيه : «وقيل إنّه أمر إضافي وهو الحقّ».
(٢) المستدل هو الرازي في المحصل (تلخيص المحصل : ١٥٧).
(٣) قال الايجي : «العلم لا بدّ فيه من اضافة بين العالم والمعلوم وهو الذي نسميه التعلّق». شرح المواقف ٦ : ٢.
(٤) منهم القاضي الباقلاني ، كما في المصدر نفسه.