البحث معهم إن شاء الله تعالى.
قال أفضل المحققين : «من جعل العلم إضافة ، غفل عن استدعاء الإضافة ثبوت المتضايفين ، فلزمه أن لا يكون ما ليس بموجود في الخارج مدركا ، وأن لا يكون إدراك ما جهلا البتة ؛ لأنّ الجهل هو كون الصورة الذهنية للحقيقة الخارجية غير مطابقة إيّاها. (١) والمعلوم إذا كان معدوما ، فليت شعري أين يكون إن لم يكن في الذهن؟» (٢)
وفيه نظر ، فإنّه كما أنّ الإضافة تستدعي ثبوت المتضايفين ، كذا الصورة ؛ لأنّ فيها تضايفا ، وهي أنّها صورة لذي الصورة وحكاية له ومساوية إياه ، والمساواة تستدعي الاثنينية والتغاير ، فإن كانت ماهية في الذهن لزم إضافة الشيء إلى نفسه. ولأنّ ما في الذهن تابع لما في الخارج أو نفس الأمر ، فلا يجوز أن يجعل التعقل مضافا إلى التابع. ولزمه ما ألزم في المضافين.
ونمنع تفسير الجهل بما ذكر ، بل معنى الجهل عدم المطابقة بين العلم والمعلوم ، فإذا أخذت الإضافة إلى شيء على وجه لا يكون مطابقا ، كانت جهلا. ولا يجب في المعلوم المعدوم أن يثبت له اثنينية حتى يسأل عن خصوصياتها.
وإذا تقرر هذا ، فالعلم والإدراك والشعور صور حقيقية تلزمها حالة إضافية (٣) لا توجد إلّا عند وجود المضافين.
وقيل : إنّها حالة إضافية لا توجد إلّا عند وجود المضافين (٤). فإن كان المعقول هو ذات العاقل استحال من ذلك العاقل أن يعقل ذلك المعقول إلّا عند وجوده ، فلا جرم لا حاجة إلى ارتسام صورة أخرى منه فيه ، بل تحصل لذاته من
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ : ٣١٤.
(٢) تلخيص المحصل : ١٥٧.
(٣) نسب هذا القول إلى الأشاعرة أيضا فراجع : شرح المواقف ٦ : ٢.
(٤) عبارة : «وقيل ... المضافين» موجودة في نسخة ج فقط. والقائل بهذا الرأي هو الرازي في المباحث المشرقية ١ : ٤٥٠.