وإذا عرفت ذلك ثبت أنّ الرسم الذي ذكرناه هو تعريف المضاف الحقيقي بالمضاف الشامل للحقيقي والمشهوري ، فلا يكون ذلك تعريفا للشيء بنفسه (١).
وفيه نظر ، فإنّ المعرف يجب أن يكون مساويا للمعرف. ولأنّ العمومية إنّما عرضت باعتبار أخذ المعروض مخصصا لأحد النوعين وذلك لا يجوز ادخاله في التعريف ، فيبقى المحذور لازما.
وإذا عرفت هذا فنقول : لا يمكن جعل المقولة هي المضاف العام ؛ لأنّ مفهومه أنّه شيء ما ذو إضافة ، كما أنّ الأبيض شيء ما له بياض. ولو جعلنا المشتق اسمه من الأعراض مقولة لصارت المقولات غير متناهية ، فلهذا لم نجعل المضاف المطلق مقولة ، وجعلنا المضاف الذي لا ماهية له سوى كونه مضافا مقولة.
لا يقال : الإضافة أيضا شيء معقول (٢) ماهيته بالقياس إلى الغير فوجب أن لا تجعلوها أيضا مقولة.
لأنّا نقول : الفرق بينهما أنّ الشيئية المحمولة على المضاف الحقيقي ليس لها تخصص إلّا بكونه مضافا. وأمّا الشيئية المحمولة على المعنى الآخر فانّه ليس تخصصها بكونه مضافا ، بل بأمر آخر ، وهو كونه جوهرا أو غيره ، ثمّ يلحقه بعد ذلك التخصص بالإضافة (٣).
وفيه نظر ، فإنّ العام إنّما يكون عاما لو كان له أخصّان ، لكن هنا جعل العام هو المضاف المشهوري لامتناع أن يكون الحقيقي شيئا ما ذا إضافة ، فيكون بالحقيقة قد عرّف الحقيقي بالمشهوري الذي لا يعرّف إلّا بالحقيقي ؛ لأنّه جزء منه
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٥٩ ـ ٥٦٠.
(٢) ج : «مقول».
(٣) راجع المباحث المشرقية ١ : ٥٦٠.