السماء فوق الأرض ليس مجرّد عمل العقل بل له في الخارج ثبوت. وكذا أبوة زيد لعمرو وجميع الإضافات.
وأيضا فوقية السماء ليست مجرّد فرض غير مطابق للخارج كفرض الخمسة زوجا ، ولا أمرا سلبيا ؛ لأنّه نقيض اللافوقية التي هي أمر عدمي ، ولا أيضا نفس كون السماء سماء ، فإنّ كونه سماء غير مقول بالقياس إلى الغير وكونه فوقا مقول بالقياس إلى الغير ، فتغايرا.
وأيضا الأبوة حادثة بعد أن لم تكن ، فإن لم تكن وجودية لم يتجدد شيء لكن التجدد حاصل ، فهي ثبوتية.
والجواب : المعارضة بالأمسية والغدية ، فإنّ جميع ما ذكرتموه آت فيهما مع أنّ اليوم لا يصير أمسا إلّا بعد عدمه والمعدوم المحض لا يتصف بالثبوتية. ولأنّه يقتضي أن يكون الأمس متقدما على اليوم وصف ثبوتي (١) في الخارج ، وقد سبق بطلانه.
قيل عليه (٢) : التقدم والتأخر إضافتان بين المعقول المأخوذ من الموجود الحاضر والمعقول الذي ليس مأخوذا في الموجود الحاضر ، وأمّا قبل ذلك فلا يكون الشيء في نفسه متقدما ، فكيف يتقدم الموجود على لا شيء؟! فما كان من المضافات على هذا السبيل فإنّما تضايفها في العقل وحده ولا تكون موجودة في الأعيان ، بخلاف كون السماء فوق الأرض ، فإنّ السماء والأرض لما كانتا موجودتين كانت فوقية إحداهما للأخرى وصفا ثابتا لا(٣) يتوقف على اعتبار المعتبر.
والوجه في الجواب أن نقول : فوقية السماء وتحتية الأرض ، كوجوب الواجب
__________________
(١) كذا ، وفي المباحث : «وصفا ثبوتيا».
(٢) القائل هو الرازي في المباحث ١ : ٥٦٣.
(٣) ساقطة في المصدر.