وامتناع الممتنع وإمكان الممكن ، وكما أنّ هذه النسب ليست موجودات في الخارج ولا احكاما كاذبة ، فكذا فوقية السماء وتحتية الأرض. والأصل فيه ما قررناه نحن أوّلا من أنّ المطابقة لا تستدعي الثبوت الخارجي ، بل صدق الشيء في نفسه وكونه في نفسه على ما فرضه الذهن.
قال أفضل المحقّقين : «كون الإضافة عرضا حالا في محل ، ليس حلولها في ذلك المحل إضافة بل الإضافة تعرض للحال إلى المحل وللمحل إلى الحال بعد الحلول ، كما تعرض للرأس ولذي الرأس.
والتحقيق هنا : أنّ وجود الإضافة لا يكون إلّا في العقل ، ولا يكون في الخارج إلّا كون الموجود بحيث يحدث في العقل من تصوره الإضافة ، فإنّ ولادة شخص من شخص أمر موجود في الخارج ، وإذا تصوره العاقل تعقّل أبوة في أحدهما وبنوة في الآخر ولا يلزم التسلسل ؛ لأنّ الأبوة إذا عرضت لشخص وإن كان ذلك العروض إضافة أخرى لكنّها لا تكون بأبوة أخرى ، فإذن لا تتسلسل الأبوة ، وتلك الإضافة أيضا أمر عقلي ولا تتسلسل ؛ لأنّها تنقطع عند وقوف العقل وهم يقولون : إنّ لله تعالى صفات إضافية ، كالأوّل والآخر والخالق والرازق والمبدع والصانع وغير ذلك ، ويلتزمون القول بهذه الصفات [من] (١) غير المعية الزمانية.
وكون «حصول الوجود للماهية إضافة بينهما» ليس بشيء ؛ لأنّ الإضافة هاهنا ليست إلّا بمعنى الانضمام وليس ذلك ممّا نحن فيه بشيء.
وكون الشيء عقليا كفوقية السماء يباين كونه فرضيا ، فإنّ تحتية السماء ربما تفرض ، بل العقلي هو الذي يجب أن يحدث في العقل إذا عقل العقل ذلك الشيء كفوقية السماء ، أمّا الفرضي فهو الذي يفرضه الفارض وإن كان محالا. والذهني
__________________
(١) ما بين المعقوفين مأخوذ من المصدر.