بالوضع ، وذلك بحسب الإشارة لا بحسب المكان عند الأوائل ؛ لأنّ الأطراف لا أمكنة لها.
الثالث : التداخل والمتداخلان (١) هما : اللّذان تلقي كلّ ذات أحدهما كل ذات الآخر ، فإنّ الأطراف إذا تعدى لقاء كلّ واحد منها طرف الآخر حتى بلغ ذاته بالأسر لم تكن ذلك مماسة ، بل مداخلة ، إذ ليست المداخلة إلّا أن تلقي كلّية أحد المتلامسين كلّية الآخر حتى أن فصّل (٢) أحدهما لم يكن داخلة كلّه ، بل ما يساويه منه ، فهذا هو حقيقة المتداخلين. وأمّا كونهما في مكان واحد فذلك لازم المداخلة لا أنّه نفس ماهيتها.
قيل : الجسمان إذا تماسا تلاقيا بسطحيهما ، فالسطحان إمّا أن يتلاقيا بالكلية أو لا بالكلية.
والثاني يستلزم انقسام كلّ من السطحين في عمقه ، فيكون السطح جسما لا سطحا ، هذا خلف. ثمّ إنّه يحتاج إلى سطح آخر ويتسلسل.
والأوّل يقتضي تداخلهما واتحاد وضعهما ، فلا يتميز أحدهما عن الآخر ، لامتناع الامتياز بالماهية ، أو بشيء من لوازمها لتساويهما في الماهية واللوازم ، فإنّ الأطراف المتضايفة متحدة في تمام الماهية والحقيقة. ولا بالعوارض ، لأنّ ذلك إمّا المحل أو المكان أو الوقت ، وليس ولا واحد من السطحين مختصا بشيء من هذه دون السطح الآخر ، فلا تمايز. وأيضا السطحان لمّا اتحدا في الماهية والوضع امتنع أن
__________________
(١) عرفه الآمدي بقوله : «التداخل ؛ فعبارة عن ملاقاة شيء بأجمعه لآخر بأجمعه ويتبعه كون كلّ واحد من المتداخلين في مكان الآخر» نفس المصدر.
وقال الجرجاني : «التداخل : عبارة عن دخول شيء في شيء آخر بلا زيادة حجم ومقدار» (التعريفات : ٧٦).
(٢) الكلمة غير واضحة في النسخ ، وما أثبتناه من طبيعيات الشفاء.