يقال : النحو نحو بشيء ، بل يقال : إنّ النحو علم بشيء. فكما أنّ في الجوهر لا يقال : هذا الرأس هو هذا الرأس لشيء ، بل يقال : هذا الرأس رأس لشيء. ويستحيل أن يكون الجنس داخلا في مقولة ، وتكون أنواعه غير داخلة في تلك المقولة. فإذا لم يكن النحو من المضاف فجنسه الذي هو العلم لا يكون منه. إلّا أنّه يعرض له المضاف عروضا لازما ، لا على أنّه نوع من المضاف.
ويمكن أن يدخل الشيء في مقولتين على وجهين بأن يكون في إحداهما بالذات على أنّه نوع منه ، وفي الأخرى بالعرض على أنّه موضوع لمعروضه (١). أو على أن يكون فيهما معا بالعرض ، ويكون نوعا لمقولة ثالثة. فلا يلتفت إلى ظن من جوز أن يكون الشيء في جنس وأنواعه في جنس مباين له. فالنحو داخل تحت جنس الكيف ، وتعرض له الإضافة من خارج كما عرضت لجنسه.
لا يقال : حكم النحو حكم العلم ، فإنّ النحو نحو بالقياس إلى شيء ، وهو إعراب اللغة.
لأنّا نقول : إعراب اللغة ليست ماهيته ، من حيث هو إعراب اللغة ، مقولة بالقياس إلى النحو ، فكيف يكون النحو مضافا إليه والمتضايفان كلّ منهما مقول بالقياس إلى الآخر؟ وإعراب اللغة إنّما يقاس إلى النحو إذا كان معلوما ، فإنّ إعراب اللغة لو وجد ألف سنة (٢) ولم يعلم ، لم تكن ماهيته مقولة بالقياس إلى النحو. وإذا كان كذلك فمقابل المعلوم ، من حيث هو معلوم ، العلم أو العالم من حيث هو عالم ، فلما لحق إعراب اللغة المعلوم فصار إعراب اللغة معلومة ، صار بإزائه هيئة نفسانية ، هي علم. فالهيئة (٣) النفسانية التي علم ، جملتها مقولة
__________________
(١) في المصدر : «لعروضه له».
(٢) الكلمة في النسخ غير واضحة ، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «بالهيئة».