قائم بالجسم. والله تعالى كما هو قادر على خلق ذلك المعنى فهو قادر على إزالته ، فإذا اعدم الله تعالى تلك التأليفات بقيت تلك الأجزاء غير قابلة للقسمة ؛ لأنّه متى زال المصحح وجب زوال الحكم.
وأيضا التجزي لا يصحّ رجوعه إلى كونه ذاتا وما يختصّ به من الصفة ولا إلى وجوده ولا إلى عدمه ولا إلى الفاعل ، فليس إلّا لأنّه يرجع إلى وجود معنى هو الافتراق وعدم معنى هو التأليف ؛ لأنّ ما عدا ذلك ممّا لا يؤثر في هذا الحكم ؛ فإنّ التأليف متى زال عنه فقد انقسم وتجزأ وإن بقيت كلّ المعاني ، ومتى وجدت المعاني كلّها غير التفريق فلا تجزّؤ ولا انقسام ، لأنّ التجزّؤ والانقسام راجعان إلى التأليف وزواله ، ومتى كان المرجع بالتجزي إلى رفع التأليف بطل قول من قال : إنّه متجزئ بالقوة دون الفعل.
واعترض (١) بأنّه إن عنى بذلك أن يكون فيه جزءان متميزان بالفعل بينهما مماسة وأنّ التفريق هو تبعيد أحدهما عن الآخر ، فهو محلّ النزاع ، فانّه لو قلت ذلك لما احتاجوا في تتميم حجّتهم إلى فرض زوال التأليف عنها إن كانت الأجزاء حاصلة في ذلك المؤلّف ومتميز (٢) عن كلّ واحد منها عن الآخر بالفعل لوجوب الواحد في كلّ كثير. وإن عنوا بكونه مؤلفا كونه مستعدا لقبول التجزئة ، فذلك ممّا لا يمكن ارتفاعه عنه ، لأنّ ذلك هو صورته الجسمية أو لازم صورته الجسمية.
الوجه التاسع : لو كان في الجسم أجزاء غير متناهية لاستحال قطعه بالحركة إلّا بعد قطع نصفه ولا يمكن قطع نصفه إلّا بعد قطع نصف ذلك النصف وهكذا إلى ما لا يتناهى، فلو كان الجسم يشتمل على ما لا يتناهى لامتنع قطعه في زمان متناه.
__________________
(١) المعترض هو الشيخ في الفصل الخامس من المقالة الثالثة من طبيعيات الشفاء ١ : ١٩٨.
(٢) كذا في ج ، وفي ق : «مميز».