ويستحيل أن يكون باقيا من أوّل المسافة إلى آخرها بالضرورة ، للعلم الضروري بأنّ الحركة التي كانت في الجسم عند كونه ببغداد غير الحاصلة فيه عند كونه بالبصرة ، وإنكاره مكابرة ودخول في السفسطة ، كيف والزمان عندهم من لواحق الحركة؟ فلو كانت باقية بعينها لكان الزمان باقيا بعينه ، فيكون اليوم هو بعينه أمس والغد بعينه اليوم ، وهذا لا يقوله محصل.
وإذا ثبت أنّ الحركة غير باقية بعينها من أوّل المسافة إلى آخرها ، فلا بدّ من الاعتراف بتوالي أمور وتعاقبها ، فإن كان كلّ منها منقسما لزم أن يكون حصول أجزائه على التقضي فلا يكون الحاصل حاصلا ، هذا خلف. وإن لم يكن منقسما ، فهو المطلوب.
فالتفصيل الذي ذكروه غير نافع ؛ لأنّ الحركة بمعنى القطع لمّا لم تكن موجودة في الخارج لم يكن دليلنا متعلق به ، لأنّا بنينا الدليل على الحركة الموجودة في الخارج.
وأمّا الحركة بمعنى موافاة الحدود ، فحاصل كلامهم فيها أنّها شيء واحد بالعدد باق من أوّل المسافة إلى آخرها. وقد بيّنا أنّ هذا خروج عن المعقول.